يقصد العوام من أضحية الحفرة الذبيحة التي تذبح في أول عيد أضحى يمر على المتوفى في قبره، وهذه من مبتدعات العامة التي لا أصل لها في الدين.
والأضحية اسم لما يذبح من الأنعام يوم النحر وأيام التشريق بنية التقرب إلى الله تبارك وتعالى، وقد أجمع المسلمون على مشروعيتها لقوله تعالى: ﴿فصل لربك وانحر﴾ [الكوثر: 2]، ولما أخرجه البخاري في صحيحه عن أنس رضي الله عنه قال: “ضحى النبي ﷺ بكبشين أملحين أقرنين، ذبحهما بيده، وسمى وكبر.
أضحية الحفرة:
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: من الخطأ ما يفعله بعض من الناس يضحون عن الميت أول سنة يموت أضحية يسمونها (أضحية الحفرة) ويعتقدون أنه لا يجوز أن يشرك معه في ثوابها أحد ، أو يضحون عن أمواتهم تبرعاً ، أو بمقتضى وصاياهم ولا يضحون عن أنفسهم وأهليهم ، ولو علموا أن الرجل إذا ضحى من ماله عن نفسه وأهله شمل أهله الأحياء والأموات لما عدلوا عنه إلى عملهم ذلك .
والأصل في الأضحية أنها مشروعة في حق الأحياء كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم وأصحابه يضحون عن أنفسهم وأهليهم ، وأما ما يظنه بعض العامة من اختصاص الأضحية بالأموات فلا أصل له.
أقسام الأضحية عن الأموات:
الأضحية عن الأموات ثلاثة أقسام:
الأول : أن يضحي عنهم تبعاً للأحياء مثل أن يضحي الرجل عنه وعن أهل بيته وينوي بهم الأحياء والأموات ، وهذا جائز وأصل هذا تضحية النبي صلى الله عليه وسلّم عنه وعن أهل بيته وفيهم من قد مات من قبل.
الثاني : أن يضحي عن الأموات بمقتضى وصاياهم تنفيذاً لها ( وهذا واجب إلا إن عجز عن ذلك ) وأصل هذا قوله تعالى:( فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فإنما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) . البقرة 181
الثالث: أن يضحي عن الأموات تبرعاً مستقلين عن الأحياء ( بأن يذبح لأبيه أضحية مستقلة أو لأمه أضحية مستقلة ) فهذه جائزة ، وقد نص فقهاء الحنابلة على أن ثوابها يصل إلى الميت وينتفع به قياساً على الصدقة عنه.
ولكن لا نرى أن تخصيص الميت بالأضحية من السنة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلّم لم يضح عن أحد من أمواته بخصوصه ، فلم يضح عن عمه حمزة وهو من أعز أقاربه عنده ، ولا عن أولاده الذين ماتوا في حياته ، وهم ثلاث بنات متزوجات ، وثلاثة أبناء صغار ، ولا عن زوجته خديجة وهي من أحب نسائه إليه ، ولم يرد عن أصحابه في عهده أن أحداً منهم ضحى عن أحد من أمواته ” أهـ
هل عن الميت أضحية:
يقول فضيلة الدكتور عبد العظيم المطعني: الذين يتوفون يسقط عنهم التكليف، فلا يضحى عنهم؛ لأن التضحية يخاطب بها الحي القادر على ثمن الأضحية، لكن يمكن أن يشرك المضحي من يشاء من أقربائه الأموات في أجر الأضحية التي يقدمها لله تعالى.
وبعض العلماء أجاز أن يحج عن الميت، وبعضهم أجاز أن يصلى عنهم ما فات، ولكن الواقع إن كان المتوفى غير قادر عن الحج، فقد مات، وقد سقط عنه، وإن كان قادرًا، فقد مات وهو عاص.
لكن ورد عن النبي ﷺ الوفاء بنذر الأم التي نذرت أن تحج، وماتت قبل أن تحج، فأوصى ﷺ وفاء بنذرها، وقال لابنتها: “أرأيت إن كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ قالت: نعم، فقال ﷺ: “فدين الله أحق بالوفاء. أهـ
ويقول الأستاذ الدكتور عبد الفتاح إدريس:
الأضحية لا ينبغي أن تكون عن المتوفَّى إلا بوصية منه إذا أراد أحد أقاربه أو غيرهم أن يضحي عنه، وذلك لما روي عن سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه كان يضحي عن نفسه وأهل بيته، ثم يضحي عن رسول الله ﷺ، فلما سئل عن ذلك قال أوصاني رسول الله ﷺ أن أضحي عنه؛ ولهذا فأنا أضحي عنه أبدًا، وهذا يدل على أن الأضحية عن الميت لا تكون إلا عن وصية منه.