لا شك أن المسجد النبوي أحد المساجد الثلاثة التي نوَّه القرآن الكريم بذكرها، إذ قال تعالى: ( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ )، فإن في لفظ الأقصى إشارة واضحة إلى المسجد النبوي؛ إذ الأقصى اسم تفضيل على القاصي، ومَن كان بمكة المكرمة كان المسجد القاصي منه هو المسجد النبوي، والمسجد الأقصى هو بيت المقدس؛ فذكر المسجد النبوي بالإشارة ضمن المسجدين، إذ لم يكن أيام نزول الآية الكريمة قد وجد بعد.

ما هي فضائل زيارة المسجد النبوي

-وقال- - في بيان فضله: “صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلاَّ المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه” رواه مسلم إلى قوله إلاَّ المسجد الحرام وروى الجملة الأخيرة أحمد وابن حبان في صحيحه.

-وجعله ثاني المساجد الثلاثة التي لا تُشَدُّ الرحال إلاَّ إليها، فقال: “لا تُشَدُّ الرِّحَال إلاَّ إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى”.

وخص هذا المسجد بمزية لم تكن لغيره من المساجد، وهي الروضة الشريفة التي قال فيها رسول الله – – : “ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة” متفق عليه .

-ورُوِيَ عنه – - : “مَن صلَّى في مسجدي هذا أربعين صلاة لا تفوته صلاة كُتِبَ له براءة من النار، وبراءة من العذاب، وبراءة من النفاق” رواه أحمد وسنده ضعيف.(1)

ولهذا كانت زيارة هذا المسجد للصلاة فيه من القُرَب التي يَتوَسَّل بها المسلم إلى ربه في قضاء حاجاته، والفوز بمرضاته – تعالى.

ماذا تفعل عند الوصول إلى المسجد النبوي

لما كانت زيارة المسجد النبوي عبادة كانت مفتقرة إلى نية كسائر العبادات؛ إذ الأعمال بالنيات. فلينوِ المسلم بزيارته للمسجد النبوي للصلاة فيه التقرب إلى الله – تعالى، والتزلف إليه طاعة ومحبة، فإذا وصل المسجد متطهرًا قدم رجله اليمنى، كما هي السنة في دخول المساجد، وقال: “بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله ، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك” ثم أتى الروضة الشريفة – إن وجد له متسعًا فيها – وإلاَّ ففي أي ناحية من نواحي المسجد، فصلى ركعتين أو ما فتح الله له من الصلاة، ثم يقصد الحجرة الشريفة فيسلم على النبي- - فيقف مستقبل المواجهة الشريفة فيسلم على الرسول – قائلاً: “السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا نبي الله، السلام عليك يا خيرة خَلق الله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته. أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنك عبد الله ورسوله، قد بلغت الرسالة، وأديت الأمانة، ونصحت الأمة، وجاهدت في الله حق جهاده، صلى الله عليك وعلى آلك وأزواجك وذرياتك وسلم تسلمًا كثيرًا.

ثم يتنحى قليلاً إلى اليمين؛ فيسلم على أبي بكر الصديق قائلاً: السلام عليك أبا بكر الصديق صفي رسول الله ، وصاحبه في الغار، جزاك الله عن أمة رسول الله – – خيرًا.

ثم يتنحى نحو اليمين قليلاً ويسلم على عمر – رضي الله عنه – قائلاً: السلام عليك يا عمر الفاروق ورحمة الله وبركاته، جزاك الله عن أمة محمد – – خيرًا: ثم ينصرف، فإذا أراد التوسل إلى الله – تعالى – بهذه الزيارة فليبتعد قليلاً من المواجهة الشريفة ويستقبل القبلة، ويدعو الله ما شاء، ويسأله من فضله ما أراد.

وبذلك تكون قد تمت زيارة المسلم للمسجد النبوي الشريف، فإن شاء سافر، وإن شاء أقام، غير أن الإقامة بالمدينة للصلاة في مسجد الرسول – – أفضل ولاسيما وقد ورد الترغيب في صلاة أربعين صلاة في المسجد النبوي الشريف.

فقد جاء في مجمع الزوائد- للحافظ الهيثمي عن أنس بن مالك عن النبي قال:”من صلى في مسجدي أربعين صلاة لا تفوته صلاة كتب له براءة من النار وبراءة من العذاب وبراءة من النفاق.
قلت: روى الترمذي بعضه، ورواه أحمد والطبراني في الأوسط ورجاله ثقات.


(1) قال الألباني في السلسلة الضعيفة: وهذا سند ضعيف نبيط هذا لا يعرف إلا في هذا الحديث ، وقد ذكره ابن حبان في الثقات (5/483) على قاعدته في توثيق المجهولين ، وهو عمدة الهيثمي في قوله في المجمع (4/8) رواه أحمد والطبراني في الأوسط ورجاله ثقات، وأما قول المنذري في الترغيب (2/136) رواه أحمد و رواته رواة الصحيح والطبراني في الأوسط فوهم واضح لأن نبيطاً هذا ليس من رواة الصحيح، بل ولا روى له أحد من بقية الستة. اهـ.