يؤسس الإسلام العلاقات الاجتماعية بين الناس على أساس من التكافل الاجتماعي، فالغني يعطي الفقير كرما منه، والفقير لا يجوع في ظل دولة الإسلام، فالذي عنده يعطي من ليس عنده ، والأدلة على ذلك كثيرة جدا تتضح في مداتنا هذه.
التكافل الإجتماعي في السنة النبوية:
يقول الشيخ الدكتور أحمد الشرباصي الأستاذ بجامعة الأزهر رحمه الله:
لو رجَعنا إلى سُنَّة الرسول ـ ﷺ ـ لوَجْدَنَا فيها فيضًا كريمًا من الأحاديث الشريفة التي نَلْمَح فيها روح التكافل الإسلامي ، ومنها هذه الأحاديث:
1 ـ “من كان عنده فضلُ ظَهْرٍ (وسيلة ركوب) فَلْيَعُدْ بِهِ على مَنْ لا ظهْرَ له، ومن كان عنده فضل زادٍ فلْيَعُدْ به على من لا زادَ له”.
قال راوي الحديث: “فذكر أصنافًا مِنَ المال حتى رأيْنَا أنه لا حَقَّ لأحد مِنَّا في فضل”.
2 ـ “يا معشر المهاجرين والأنصار، إنَّ مِن إخوانكم مَنْ ليس له مال ولا عشيرة، فَلْيَضُمَّ أحدكم إليه الرجلين والثلاثة”. قال راوي الحديث ـ وهو جابر بن عبد الله:
“فضممتُ إليَّ اثنين أو ثلاثة، وما لي إلا عقبةٌ كعقبةِ أحدكم من جَمَلي”.
والمراد بالعقبة هنا النَّوْبَة في الركوب. أيْ صار يُقَاسِمُ هؤلاء الركوب على جمله، وهم ذاهبون إلى الغزو، فلا يأخذ معهم أكثر من نوبته في الركوب، كأنهم قد صاروا شركاء متساوين في الجمل.
3 ـ جاء رجل إلى النبي ـ ﷺ: اكْسُنِي يا رسول الله، فأعرض عنه النبي ـ ﷺ ـ إذْ لم يَجِدْ عنده شيئًا ـ فعاد الرجل يقول: اكسني يا رسول الله. فقال له الرسول ـ ﷺ ـ: أَمَا لَكَ جَارٌ له فضْل ثوبين؟ قال الرجل: بلى، غير واحد. فقال النبي ـ ﷺ ـ: “فلا يَجْمَعُ الله بَيْنَكَ وبينه في الجنة”.
4 ـ “تكون إِبِلٌ للشياطين وبُيُوتٌ للشياطين: فأَمَّا إبل الشياطين فقد رَأَيْتُهُ، يَخرج أحدكم بجُنَيبَاتٍ معه قد أسمنها، فلا يَعلو بعيرًا منها (لاستغنائه عنها) ويَمُرُّ بأخيه قد انقطع (أيْ لا يَجِدُ ما يَركَبه) فلا يَحمِلُه”. أيْ لا يُمَكِّنُه من ركوب واحدة من هذه النياق الكثيرة الفارغة.
5 ـ “إن المسلمين شركاء في ثلاثة: في الماء والنار والكلأ”. وفي رواية: “إن الناس شركاء في ثلاثة: الماء والكلأ والنار” وفي رواية: والملح.
6 ـ “إن لله تعالى عند أقوام نِعَمًا أقرَّها عندهم ما كانوا في حوائجِ الناس، مالَم يَمَلُّوهُم، فإذا مَلُّوهُم نقَلها إلى غيرهم”.
وفي رواية: “إن لله أقوامًا اختصَّهم بالنِّعم لمنافع العِباد، يُقرُّهم فيها ما بذلوها، فإذا منعوها نزَعها منهم فحوَّلها إلى غيرهم”.
وجاء عن عبد الله بن عباس قوله: “ما مِن عبدٍ أنعم عليه الله نعمةً فأَسبغَها عليه، ثم جعل حوائج الناس إليه، فتَبَرَّم، إلا عرَّض تلك النعمة للزوال”.
7 ـ “إذا كان أغنياؤكم بُخلاءَكم، فبَطن الأرض خيرٌ لكم من ظاهرها”.
8 ـ “ما آمن بي مَن باتَ شبعانَ وجاره جائع إلى جانبه وهو يَعلم”.
9 ـ “أيُّما أهل عرصة (أي حي أو مَحِلَّة) أصبح فيهم جائع فقد بَرئَت منهم ذِمَّة الله”.
10 ـ “المسلم أخو المسلم، لا يَظلِمه ولا يُسلِمه، ومن تَركه يَجوع ويَعرى، وهو قادر على إطعامه وكِسوته، فقد أَسلَمه”.
11ـ “من كان عنده طعام اثنين فلْيذهَب بثالث، ومن كان عنده طعام ثلاثة فلْيذهب برابع، ومن كان عنده طعام أربعة فليذهب بخامس”.
12 ـ “ابغوني في ضعفائكم، فإنما تُنصرون بضعفائكم”.
13 ـ “إن الله فرَض على أغنياء المسلمين في أموالهم بقدْر الذي يَسَع فقرَاءهم، ولن يُجهَد الفقراءُ إذا جاعوا إلا بما يَصنع أغنياؤهم، ألَا وإن الله يُحاسبهم حسابًا شديدًا ويُعذبُهم عذابًا أليمًا”.
14ـ “المسلمون إِخوة، تتكافأ دماؤهم، ويَسعى بذمتهم أدناهم، ويَرُدُّ عليهم أقصاهم، ومشدهم على ضعيفهم، ومُتَسَرِّيهم (الخارج في السرية للجهاد) على قاعِدِهم”.
15ـ “إن الأشعريِّين كانوا إذا أرْمَلوا في غزو (أي نقص تموينهم) أو قل طعام عِيالهم، جمَعوا ما لدَيهم من طعام في ثوب واحد، فاقتسموه فيما بينهم بالسَّوِيَّة، فهم مِنِّي وأنا منهم”.