حج بيت الله الحرام هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وهو واجب مرة واحدة في العمر على كل مسلم بالغ عاقل إذا استطاع إليه سبيلا، أي إذا كانت له القدرة المادية والصحية على أداء هذه الفريضة.
أثر الإغماء على الحج وكيفية حج المغمى عليه في الحج:
إن أغمي عليه قبل الإحرام : فالجمهور يرون أنه لا يصح إحرام الغير عنه ، والشافعية يرون أن إنه يصح إحرام الغير عنه إن زاد الإغماء عن ثلاثة أيام ، والمالكية يقولون بعدم صحة الإحرام عنه ولو طال إغماؤه وإن خيف فوات الحج له ، وأنه إن أفاق قبل فوات الوقوف بعرفة أحرم ووقف ولا شيء عليه.
والحنفية يرون صحة إحرام الغير عن المغمى عليه إن أمر بذلك قبل الإغماء ، وكذلك إن لم يأمر عند أبي حنيفة.
أما إن أغمي عليه بعد الإحرام : فإحرامه صحيح باتفاق ، وعلى رفقائه حينئذ ـ وكذلك في الحالة الأولى عند الحنفية ـ أن يحملوه معهم في المناسك ، خاصة للوقوف بعرفة ؛ لأنه يصح حجه طالما أحرم قبل الإغماء.
الوقوف بعرفة: إن أحرم قبل الإغماء صح وقوفه بمجرد تواجده على عرفة فى أي جزء من الوقت.
وإن أغمي عليه قبل الإحرام فيصح حجه باتفاق إن أفاق قبل فوات وقت الوقوف ووقف بعرفة ولو للحظة ، والحنفية يقولون بصحة حجه وإن لم يفق ما دام وجد بعرفة في الوقت.
وإذا ارتكب المغمى عليه شيئا من محظورات الإحرام فعليه جزاؤه عند الجمهور ، وعند الشافعية لا يلزمه شيء.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :
ـ أولا : أثره على الإحرام:
أ ـ إذا أغمي عليه قبل الإحرام:
قال المالكية والشافعية والحنابلة : إن المغمى عليه لا يحرم عنه غيره ، لأنه ليس بزائل العقل وبرؤه مرجو على القرب .
ولو أيس (يأس) من برئه بأن زاد إغماؤه على ثلاثة أيام فعند الشافعية يُحرِم الولي عنه في المعتمد ، وقاسوا ذلك على أنه ليس لأحد أن يتصرف في ماله وإن لم يبرأ .
ـ ومن يرجى برؤه ليس لأحد أن ينوب عنه .
وإن فعل لم يجزئه عند الشافعية والحنابلة ، لأنه يرجو القدرة على الحج بنفسه ، فلم يكن له الاستنابة ولا تجزئه إن وقعت ، وفارق الميئوس من برئه ، لأنه عاجز على الإطلاق آيس من القدرة على الأصل فأشبه الميت .
وعند أبي حنيفة أن من أغمي عليه فأهل عنه رفقاؤه جاز . وقال الصاحبان ( أبو يوسف ومحمد): لا يجوز . ولو أمر إنسانا بأن يحرم عنه إذا أغمي عليه ، أو نام فأحرم المأمور عنه صح بإجماع الحنفية ، حتى إذا أفاق أو استيقظ وأتى بأفعال الحج جاز .
استدل الصاحبان على الأول بأنه لم يحرم بنفسه ولا أذن لغيره به وهذا لأنه لم يصرح بالإذن ، والدلالة تقف على العلم وجواز الإذن به لا يعرفه كثير من الفقهاء فكيف يعرفه العوام ؟ بخلاف ما لو أمر غيره بذلك صريحا .
ولأبي حنيفة أنه لما عاقد رفقاءه عقد الرفقة فقد استعان بكل واحد منهم فيما يعجز عن مباشرته بنفسه ، والإحرام هو المقصود بهذا السفر ، فكان الإذن به ثابتا دلالة ، والعلم ثابت نظرا إلى الدليل ، والحكم يدار عليه .
وعند المالكية أنه لا يصح الإحرام عن المغمى عليه ولو خيف فوات الحج ، لأنه مظنة عدم الطول ثم إن أفاق في زمن يدرك الوقوف فيه أحرم وأدرك ولا دم عليه في عدم إحرامه من الميقات .
ب ـ وإذا أغمي عليه بعد إحرامه بنفسه :
الإغماء بعد الإحرام لا يؤثر في صحته ، باتفاق الأئمة . وعلى ذلك فهذا حمله متعين على رفقائه ، ولا سيما للوقوف بعرفة ، فإنه يصح ولو كان نائما أو مغمى عليه .
الوقوف بعرفة للمغمى عليه:
أما بالنسبة للوقوف بعرفة فالكل مجمع على أنه لو أفاق المغمى عليه في زمن الوقوف ولو لحظة أجزأه .
وإن لم يفق من إغمائه إلا بعد الوقوف فمذهب المالكية والحنابلة أنه فاته الحج في ذلك العام ، ولا عبرة بإحرام أصحابه عنه ووقوفهم في عرفة .
وللشافعية قولان في إجزاء وقوف المغمى عليه أو عدمه .
والحنفية يكتفون بالكينونة ( أي التواجد) في محل الوقوف وزمنه مع سبق الإحرام ، فوقوف المغمى عليه مجزئ .
إذا لم يفق المغمى عليه فهل يشهد به رفقته المشاهد ، على أساس الإحرام عنه الذي قال به الحنفية ؟ هناك قولان عند الحنفية : قيل : لا يجب على الرفقاء أن يشهدوا به المشاهد ـ أي يحملوه معهم ـ كالطواف والوقوف والرمي والوقوف بمزدلفة ، بل مباشرتهم عنه تجزيه ، لكن إحضاره أولى ، على ما صرح به بعض أصحاب هذا القول . وهذا الأصح على ما أفاد في رد المحتار المعتمد في الفتوى في مذهب الحنفية ، لكن لا بد للإجزاء عنه من نية الوقوف عنه ، والطواف عنه بعد طواف النائب عن نفسه ، وهكذا .
(انتهى ، من الموسوعة الفقهية الكويتية ، بتصرف يسير).