يقول الإمام القرطبي في تفسير قوله تعالى : “وذروا ظاهر الإثم وباطنه” للعلماء فيه أقوال كثيرة. وحاصلها راجع إلى أن الظاهر ما كان عملا بالبدن مما نهى الله عنه، وباطنه ما عقد بالقلب من مخالفة أمر الله فيما أمر ونهى.
وهذه المرتبة لا يبلغها إلا من اتقى وأحسن؛ كما قال: “ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا” [المائدة: 93]. وقيل: هو ما كان عليه أهل الجاهلية من الزنا الظاهر واتخاذ الحلائل في الباطن. وما قدمنا جامع لكل إثم وموجب لكل أمر.
ويقول الإمام ابن كثير
قال مجاهد: {وذروا ظاهر الإثم وباطنه} المعصية في السر والعلانية.
وقال قتادة: أي سره وعلانيته، قليله وكثيره، وقال السدي: ظاهره الزنا مع البغايا ذوات الرايات، وباطنه الزنا مع الخليلة والصدائق والأخدان، وقال عكرمة: ظاهره نكاح ذوات المحارم.
والصحيح أن هذه الآية عامة في ذلك كله، وهي كقوله: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن} الآية، ولهذا قال تعالى: {إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون} أي سواء كان ظاهراً أو خفياً، فإن اللّه سيجزيهم عليه.
عن النواس بن سمعان قال: سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن الإثم فقال: “الإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطّلع الناس عليه” (رواه ابن أبي حاتم عن النواس بن سمعان) .