لما كان الشرع تواقا لاستقرار الأسر شرع تدابير تعمل على استقرارها، والطلاق أبغض الحلال، ثم شرع العدة، ومع العدة أمر أن تمكث الزوجة المطلقة في بيت الزوجية، وبين الله عز وجل الحكمة من ذلك فقال : ( لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً ) الطلاق : 1
وجعل الله الطلاق مرة مرة حتى إذا لم تصفَُ النفوس في فترة العدة فلا تعدم فترة أخرى تتمكن فيها من المراجعة، : فإذا ذكر سابق الود وجدت فرصة لرأب الصدع من جديد، وهذا هو المخرج الذي أشار إليه قوله تعالى : ( فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً ) الطلاق : 2
قال ابن عباس والشعبي والضحاك: أي من طلق كما أمره الله يكن له مخرج في الرجعة في العدة، وأن يكون كأحد الخطاب بعد العدة.
ومن طلق طلقة واحدة فقد جعل الله له مخرجا، فله أن يتقدم إلى زوجته ويخطبها من جديد فإذا وافقت كان لهما أن يتزوجا من جديد بعقد جديد كامل الشروط والأركان.
وأما من كان يحدث نفسه من قوله أنها طالق حينما كان يستذكر سيئاتها فلا يلزمه به طلاق لأنه إما أن يكون هذا الذي حدث به نفسه في زمن عدتها، وهو لا يلزمها لأنها مطلقة، والمطلقة لا تطلق على مذهب ابن تيمية حتى تراجع.
وإما أن يكون هذا الذي حدث به نفسه بعد زمن العدة فلا يقع بها الطلاق طالما أنه لم يراجعها لأنه يكون صادفها وهي ليست زوجة له، وطلاق الأجنبية لا يقع.