حج بيت الله الحرام هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وهو واجب مرة واحدة في العمر على كل مسلم بالغ عاقل إذا استطاع إليه سبيلا، أي إذا كانت له القدرة المادية والصحية على أداء هذه الفريضة.
من رمى جمرة العقبة وحلق أو قصر فإنه حينئذ يباح له أن يلبس ما يشاء ، ولم يعد واجبا عليه أن يتقيد بملابس الإحرام، فيباح له حينئذ أن يلبس الملابس العادية أثناء طواف الإفاضة كما يباح له أن يتطيب أيضا. التحلل من الإحرام قسمان :
التحلل الأصغر للحاج :
أ – التحلل الأصغر , ويسمى أيضا : التحلل الأول : ويكون عند الشافعية والحنابلة بفعل أمرين من ثلاثة : رمي جمرة العقبة , والنحر , والحلق أو التقصير . ويباح بهذا التحلل لبس الثياب وكل شيء ما عدا النساء ( بالإجماع ) والطيب عند البعض , والصيد عند المالكية .
أما الحنفية فيحصل التحلل الأصغر عندهم برمي الجمرة والحلق والتقصير , فإذا فعل ذلك حل له كل شيء إلا النساء . وما ورد في بعض كتب الحنفية من استثناء الطيب والصيد أيضا ضعيف . هذا.ويجب الذبح بين الرمي والحلق للمتمتع والقارن لمن قدر على ذلك , لأن الترتيب واجب بين هذه النسك عند الحنفية .
والأصل في هذا الخلاف ما ورد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : { كنت أطيب النبي ﷺ قبل أن يحرم , ويوم النحر قبل أن يطوف بالبيت بطيب فيه مسك } . وقد جاء في بعض الأحاديث أنه إذا رمى جمرة العقبة فقد حل له كل شيء إلا النساء والطيب , لما أخرجه مالك في الموطأ عن عمر رضي الله عنه أنه خطب الناس بعرفة , وعلمهم أمر الحج , وقال لهم فيما قال : إذا جئتم منى فمن رمى الجمرة فقد حل له ما حرم على الحاج إلا النساء والطيب .
وأما ما ذهب إليه مالك من تحريم الصيد أيضا : فإنه أخذ بعموم قوله تعالى : { لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم } ووجه الاستدلال بالآية أن الحاج يعتبر محرما ما لم يطف طواف الإفاضة . وأما دليل إباحة لبس الثياب وكل شيء بعد رمي جمرة العقبة , فهو حديث : { إذا رميتم الجمرة فقد حل كل شيء إلا النساء } , وحديث عائشة السابق .
التحلل الأكبر للحاج :
ب – التحلل الأكبر – ويسمى أيضا التحلل الثاني :هذا التحلل هو الذي يباح به جميع محظورات الإحرام دون استثناء , ويبدأ الوقت الذي تصح أفعال التحلل الأكبر فيه عند الحنفية والمالكية من طلوع فجر يوم النحر , ويحصل عندهما بطواف الإفاضة – بشرط الحلق أو التقصير – هنا باتفاقهما , فلو أفاض ولم يحلق لم يتحلل حتى يحلق عند الحنفية والمالكية .وزاد المالكية أن يكون الطواف مسبوقا بالسعي , وإلا لا يحل به حتى يسعى , لأن السعي ركن عند المالكية , وقال الحنفية : لا مدخل للسعي في التحلل , لأنه واجب مستقل , ونهاية وقت التحلل الأكبر بحسب ما يتحلل به عندهما , وهو الطواف , وهو لا يفوت .
وعند الشافعية والحنابلة يبدأ وقت التحلل الأكبر من منتصف ليلة النحر, ويحصل التحلل الأكبر عندهما باستكمال أفعال التحلل التي ذكرت , وهي : ثلاثة على القول بأن الحلق نسك , واثنان على القول الآخر غير المشهور أنه ليس بنسك , ونهاية التحلل الأكبر عند الشافعية والحنابلة بحسب ما يتحلل به عندهما إن توقف التحلل الأكبر على الطواف أو الحلق أو السعي , أما الرمي فإنه مؤقت بغروب شمس آخر أيام التشريق , فإذا توقف عليه التحلل ولم يرم حتى آخر أيام التشريق فات وقت الرمي بالكلية , فيحل عند الحنابلة بمجرد فوات الوقت , وإن بقي عليه الفداء مقابل ذلك , وهذا قول عند الشافعية , لكن الأصح عندهم أنه بفوات وقت الرمي ينتقل التحلل إلى كفارته , فلا يحل حتى يؤديها .
وحصول التحلل الأكبر باستكمال الأفعال الثلاثة : رمي جمرة العقبة , والحلق , وطواف الإفاضة المسبوق بالسعي محل اتفاق الفقهاء , وبه تباح جميع محظورات الإحرام بالإجماع .