يستفاد من جمع النصوص الحديثية التي وردت في النهي عن الصلاة في بعض الأوقات أن هذه الأوقات هي: عند شروق الشمس، واستوائها، وغروبها، وبعد صلاتي الفجر، والعصر،وبعد أداء ركعتي الفجر حتى ترتفع الشمس،وإذا أقيمت الفريضة، وقبل صلاة العيد، وأثناء خطبة الجمعة،ويستثنى من المنع في هذه الأوقات ما كان له سبب كتحية المسجد، وسنة الوضوء ، وعلى هذا فإذا توضأ المسلم فيشرع له أن يصلي سنة الوضوء أيا كان الوقت الذي توضأ فيه.
يقول الدكتور حسام الدين عفانه أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس:-
وردت أحاديث كثيرة عن النبي ﷺ في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها، وقد فصل الفقهاء الكلام عليها ، وذكروا الأحكام المتعلقة بها ،وأوجزها فيما يلي :
عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه قال :( ثلاث ساعات كان رسول الله ﷺ ينهانا أن نصلي فيهن أو نقبر فيهن موتانا حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب ) رواه مسلم . ففي هذا الحديث ثلاثة أوقات منهي عن الصلاة فيها :-
الأول : عند شروق الشمس .
الثاني : عند استواء الشمس .
الثالث : عندما تميل الشمس للغروب .
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :( لا صلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس ولا صلاة بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس ) رواه مسلم .
وهذا الحديث اشتمل على وقتين نهي عن الصلاة فيهما وهما :-
الرابع : بعد صلاة فريضة العصر .
الخامس : بعد صلاة فريضة الفجر .
فهذه الأوقات الخمسة لا يصح أن يتنفل فيها ولكن يجوز فيها قضاء الصلوات الفائتة لما ثبت في الحديث عن أنس رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال :( من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك ) رواه البخاري ومسلم .
فهذا الحديث وما في معناه مخصص لعموم النهي السابق .
فمثلاً إذا استيقظ شخص وكادت الشمس أن تشرق فإنه يصلي الفجر وكذا إذا نام واستيقظ وقت الغروب فإنه يصلي العصر، كما يجوز أن يصلي في أوقات النهي تحية المسجد لقول النبي ﷺ :( إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين ) رواه البخاري ومسلم .
الوقت السادس:- وهو ما بين أذان الفجر وإقامة الصلاة للفجر فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن الرسول ﷺ قال :( لا صلاة بعد الفجر إلا سجدتين ) رواه الترمذي وقال : ومعنى هذا الحديث إنما يقول : لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر .
وقال الترمذي :[ وهو ما اجتمع عليه أهل العلم : كرهوا أن يصلي الرجل بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر ].
وحديث ابن عمر متضمن النهي عن الصلاة في هذا الوقت وهو ما بين أذان الفجر وإقامة الصلاة للفجر، فيكره التنفل في هذا الوقت، ويستثنى من ذلك صلاة سنة الفجر، وكذا تحية المسجد للداخل إلى المسجد .
ويؤيد ذلك ما جاء في الحديث عن حفصة رضي الله عنها قالت :( كان رسول الله ﷺ إذا طلع الفجر لا يصلي إلا ركعتين خفيفتين ) رواه البخاري ومسلم .
الوقت السابع: إذا أقيمت الصلاة المكتوبة:؛ فقد ورد في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :( إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة ) رواه مسلم والترمذي، وقال- أي الترمذي- :[ والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي ﷺ وغيرهم إذا أقيمت الصلاة أن لا يصلي الرجل إلا الصلاة المكتوبة، وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق ] ،فإذا أقيمت الصلاة فلا ينبغي لأحد أن يشتغل بنافلة ولو كانت سنة الفجر وإنما عليه أن يدخل في صلاة الجماعة .
الوقت الثامن : هو قبل صلاة العيدين ؛ فقد ورد في الحديث عن ابن عباس رضي الله عنه :( أن النبي ﷺ خرج يوم عيد فصلى ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما ) رواه البخاري ومسلم .
الوقت التاسع: عند صعود خطيب الجمعة إلى المنبر إلى أن ينهي خطبته : لما ثبت في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال :( إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة أنصت والإمام يخطب فقد لغوت ) رواه البخاري .
ويستثنى من ذلك تحية المسجد لمن دخل المسجد والخطيب يخطب فإنه يصلي ركعتي التحية ويخففهما .
لما ورد في الحديث عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال :( دخل رجل يوم الجمعة المسجد والنبي ﷺ يخطب . فقال له : أصليت ركعتين ؟ قال : لا . قال : فصل ركعتين ) رواه البخاري ومسلم .
وجاء في رواية أخرى عن جابر رضي الله عنه قال :( جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة ورسول الله ﷺ يخطب فجلس فقال رسول الله ﷺ : إذا جاء أحدكم الجمعة والإمام يخطب فليصل ركعتين خفيفتين ثم يجلس ) رواه مسلم .
وأوقات النهي يمكن معرفتها بالتوقيت فإذا كان لدى الشخص توقيت للصلوات، فإنه يبين فيه أوقات شروق الشمس وغروبها، وغير ذلك .
وأما بالنسبة للنهي عن الصلاة بعد الفجر وبعد العصر، فإن النهي مرتبط بفعل الصلاة لا بالوقت فإذا صلى شخص العصر في أول وقتها فإنه يكون منهياً عن الصلاة بعدها .
وإذا لم يصل العصر إلا بعد دخول الوقت بنصف ساعة مثلاً فإنه يجوز له أن يتنفل حتى يصلي العصر فإذا صلى العصر فلا نافلة ويدل على ذلك ما جاء في الحديث أن النبي ﷺ قال :( لا صلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس ولا صلاة بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس ) رواه مسلم .
ويقول الشيخ ابن العثيمين – رحمه الله-:
ووقتُ النَّهي: من طُلوع الشَّمس إلى أن ترتفع قِيد رُمحٍ، أي: بعين الرَّائي، وإلا فإن هذا الارتفاع قِيد رُمحٍ بحسب الواقع أكثر من مساحة الأرض بمئات المرَّات، لكن نحن نراه بالأُفق قِيد رُمحٍ، أي: نحو متر.
وبالدَّقائق المعروفة: حوالي اثنتي عشرة دقيقة، ولنجعله ربع ساعة خمس عشرة دقيقة؛ لأنه أحوط فإذا مضى خمس عشرة دقيقة من طلوع الشَّمس، فإنه يزول وقت النَّهي، ويدخل وقت صلاة الضُّحى. إلى قبيل وقت الزوال، أي قبل زوال الشَّمس بزمنٍ قليل حوالي عشر دقائق، لأن ما قبيل الزَّوال وقت نهي ينهى عن الصَّلاة فيه، لأنه الوقت الذي تُسْجَرُ فيه جهنَّم، فقد نهى النبي ﷺ أن يُصَلَّى فيه، قال عُقبةُ بنُ عَامر : «ثلاثُ ساعاتٍ كان رسُولُ الله ﷺ يَنْهانَا أنْ نُصَلِّيَ فيهنَّ، أو أنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ موتانا: حين تَطْلعُ الشَّمسُ بازغةً حتى ترتفعَ، وحين يقومُ قائمُ الظَّهيرة حتى تميلَ الشَّمسُ، وحين تَضَيَّفُ الشَّمسُ للغُروبِ حتى تَغْرُبَ» .
وقائمُ الظَّهيرة يكون قُبيل الزَّوال بنحو عشر دقائق، فإذا كان قُبيل الزوَّال بعشر دقائق دخل وقتُ النَّهي.