القرآن هو معجزة الإسلام الخالدة، وقد أنزله الله تعالى على رسوله –ﷺ- ليكون للعالمين نذيرا، ولكن القول بأن القرآن قد حوى كل العلوم فهذا الكلام محض افتراء لا يستند إلى دليل نقلي أو عقلي أما المراد بالكتاب الذي لم يقع فيه التفريط فالمقصود به اللوح المحفوظ.
يقول فضيلة الشيخ علي الطنطاوي –رحمه الله- من علماء سوريا:
هذا الكلام الذي يدعيه البعض غير صحيح لأن ما يستدل به هو جزء من الآية وهي قوله سبحانه: (وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ) –آية 38 الأنعام-، فالكتاب هنا ليس المراد به القرآن بل هو الكتاب الذي قال عنه في سورة يونس (وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ) –آية 61-.
فالقرآن لم يبين أحكام الدين كلها فضلا عن أن يستوفي الكلام في علوم الدنيا وأحداثها، فلقد أمر بالصلاة، ولكنه لم يصرح بعدد ركعاتها، وأمر بالزكاة ولم يذكر نصابها بل هذا البيان للرسول –ﷺ- لذلك وجب الرجوع إلى السنة والاعتماد عليها فمن أنكرها وادعى الاكتفاء بالقرآن فقد تنكر لعقيدة الإسلام.
وهذا الذي يقوله البعض، وأمثالهم قال به جماعة من الأولين ففتحوا بذلك بابا لإفساد الدين من القول بعلم الحروف، وأمثال ذلك مما أولع به بعض المتصوفة الذين فسروا القرآن تفسيرا يخالف أصول العربية التي نزل بها، ومصطلح أهلها، وليس له مستند من دليل نقلي صحيح، فحرفوا بذلك كلام الله تعالى عن مواضعه فضلوا وأضلوا..