لا بد من توافر شرطين في البدعة المنهي عنها في الشرع، أن تكون حادثة لم تكن في الصدر الأول، وأن تناقض أصلا من أصول الإسلام، وما يفعله بعض الناس من توسيع معنى البدعة حتى يشمل كل حديث ويفتي بالتحريم غير صحيح، فالعلماء متفقون سلفا وخلفا على أن ثمة بدعة حسنة مأجور فاعلها، وبدعة ضلالة آثم فاعلها، والخلط بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي للبدعة يؤدي إلى الوقوع في الخطأ .
ويؤكد هذا المعنى فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي فيقول :
ليست البدعة كل ما استحدث بعد رسول الله ﷺ بإطلاق، فقد استحدث المسلمون أشياء كثيرة لم تكن في عهده ﷺ، ولم تُعَدّ بدعة، مثل استحداث عثمان أذانًا آخر يوم الجمعة بالزوراء لما كثر الناس، واتسعت المدينة.
ومثل استحداثهم العلوم المختلفة وتدريسها في المساجد، مثل: علم الفقه، وعلم أصول الفقه، وعلم النحو والصرف، وعلوم اللغة والبلاغة، وكلها علوم لم تكن على عهد النبي ﷺ، وإنما اقتضاها التطور، وفرضتها الحاجة، ولم تخرج عن مقاصد الشريعة، بل هي لخدمتها وتدور حول محورها.
فما كان من الأعمال في إطار مقاصد الشريعة، لا يعد في البدعة المذمومة، وإن كانت صورته الجزئية لم تعهد في عهد النبوة، إذ لم تكن الحاجة إليه قائمة.
ومن ذلك: إلقاء بيان أو بلاغ للناس في قضية تهمهم بعد الفراغ من صلاة الجمعة.