يقول فضيلة الشيخ محمد رشيد رضا-رحمه الله-:
أما كون الدخان نجسًا أوغير نجس فالجواب عنه:أن هذا النبات الذي يسمى دخانا – لأنه يستعمل إحراقًا ليتمتع بدخانه – هو كسائر النبات طاهر ، ولا يوجد في الدنيا نبات نجس .
وأما كونه ضارًّا أم لا :فهذا مما يرجع فيه إلى الأطباء لا إلى الفقهاء ، والمعروف في الفقه أن كل ضار محرم على من يضره ، وما كان من شأنه أن يضر قطعًا إلا في أحوال نادرة ، يمكن إطلاق القول بحرمته ، أو ظنًّا يحكم بكراهته، والمشهور عن الأطباء أن في هذا النبات المعروف بالدخان ، وبالتبغ ، والتتن ، وبالتنباك ، مادة سامة تسمى نيكوتين ، فهو لذلك يضر المصدرين قطعًا ، وأن صحيح الجسم إذا تعوده بالتدريج ، فإنه لا يضره ضررًا بيِّنًا ، ولا شك أن تركه خير للصحة من استعماله.
فينبغي لمن لم يُبْتَلَ به أن لا يقلد الناس فيه ، فإنه إذا لم يخلُ من ضرر ما ، يكون مكروهًا شرعا، وعلى من ابتلي به أن يراجع الطبيب الحاذق فإذا جزم بضره ، وجب عليه تركه ، وإذا قال : يحتمل أن يضره ، استحب له تركه ، وإذا قال : إنه لا يضره مطلقًا ، أبيح له استعماله ، وإذا اتفق أن كان نافعًا له لمقاومة مرض ما ، كما ينفع كثير من السموم في مقاومة بعض الأمراض ، صار مطالبًا باستعماله شرعًا ، وقد يكون حينئذ واجبًا ، إذا جزم الطبيب بتوقف منع الضرر على استعماله ، وإلا كان مخيرًا بينه وبين ما يقوم مقامه . فعلم من ذلك كله أنه قد تعتريه الأحكام الخمسة كما يقولون .