يقول الله سبحانه في شأن الصيام: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ اْلأسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) (سورة البقرة : 187) ويقول في شأن الصلاة (أَقِم الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) (سورة الإسراء : 78).
وروى البخاري ومسلم عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن رسول الله ـ ﷺ ـ قال: “لا يمنعنكم أذان بلال عن سَحوركم فإنه ينادي بِلَيْلٍ، فكلوا واشْرَبُوا حتى تسمعوا أذان ابن أُمِّ مَكتوم، فإنه لا يُؤذن حتى يَطْلُعَ الفجر” . ورَوَيَا أيضًا عن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله ـ ﷺ ـ قال: “إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم” وكان رجلاً أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحتَ أصبحتَ.
وروى الحاكم عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله ـ ﷺ ـ قال: “الفجرُ فجرانِ، فأما الفجر الذي يكون كَذَنَبِ السَّرحانِ ـ الذئب ـ فلا يُحِلُّ الصلاة ويحل الطعام، وأما الذي يذهب مستطيلا ـ أي ممتدًا في الأفق ـ فإنه يحل الصلاة ويحرم الطعام” ومن رواية البخاري أنه ـ ﷺ ـ مَدَّ يده عن يمينه ويساره.
يؤخذ من هذا أنه كان هناك أذانانِ للفجر أيام النبي ـ ﷺ ـ الأذان الأول كان للتنبيه والاستعداد للصيام، والثاني كان للامتناع عن الطعام والشراب وبَدْءِ الصوم وحل صلاة الفجر.
كما يُؤخذ أن هناك ضوأين في آخر الليل، أحدهما يظهر في الأفق من أعلى إلى أسفل كالعمود، والثاني كان يظهر بعده ممتدًا في الأفق عرضاً يمينًا ويسارًا، والثاني هو الفجر الصادق المُعَوَّلُ عليه في الصيام وصلاة الفجر، وجاء في روايةٍ لمسلم عن المدة التي بَيْنَ الأذانين ما نصُّهُ: ولم يكن بينهما ـ أي بلال وابن أم مكتوم ـ إلا أن يَنزل هذا ويَرْقَى هذا.
وجاء في رواية للبخاري ومسلم أن مهمة أذان بلال أن يرجع القائم ويوقظ النائم.
هل أذانان الفجر للفجر فقط أم لكل الأوقات:
هل أذانان الفجر لرمضان فقط أم لكل الشهور:
متى يبدأ الأذان الأول للفجر:
لكن قد يؤخذ تعيين مبدئه من رواية النسائي والطحاوي من حديث عائشة: أنه لم يكن بين أذان بلال وابن أم مكتوم إلا أن يرقي هذا وينزل هذا، وكانا يؤذنان في بيت مرتفع كما أخرجه أبو داود، فيكون الأذان الأول قبل الفجر بقليل، لكن جاء في شرح النووي لصحيح مسلم: قال العلماء: معناه أن بلالاً كان يؤذن قبل الفجر ويَتَرَبَّصُ بعد أذانه للدعاء ونحوه، ثم يَرْقُبُ الفجر فإذا قارب طلوعه نزل فأخبر ابن أم مكتوم ، فيتأهب ابن أم مكتوم بالطهارة وغيرها، ثم يرقى ويشرع في الأذان مع أول طلوع الفجر أهـ.
وهذا يدل على أن الأذان الأول كان قبل الوقت بوقت طويل لا يمكن تحديده.