كيفية الغسل من الجنابة واحدة في الرجل والمرأة، وصفة الغسل مسنونة وليست واجبة، والشرط في صحة الغسل : أن يعم الماء جميع البدن.
كيفية الغسل
يقول الشيخ سيد سابق رحمه الله :
يسن للمغتسل مراعاة فعل الرسول ﷺ، في غسله فيبدأ:
- بغسل يديه ثلاثًا.
- ثم يغسل فرجه.
- ثم يتوضأ وضوءًا كاملاً كالوضوء للصلاة، وله تأخير غسل رجليه إلى أن يتم غسله، إذا كان يغتسل في طست ونحوه.
- ثم يفيض الماء على رأسه ثلاثًا مع تخليل الشعر، ليصل الماء إلى أصوله.
- ثم يفيض الماء على سائر البدن، بادئًا بالشق الأيمن، ثم الأيسر، مع تعاهد الإبطين، وداخل الأذنين، والسرة، وأصابع الرجلين، ودلك ما يمكن دلكه من البدن.
وأصل ذلك كله ما جاء عن عائشة رضي الله عنها: “أن النبي ﷺ، كان إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه، ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يأخذ الماء ويدخل أصابعه في أصول الشعر حتى إذا رأى أنه قد استبرأ حفن على رأسه ثلاث حفنات ، ثم أفاض على سائر جسده” رواه البخاري ومسلم.
وفي رواية لهما: “ثم يخلل بيديه شعره، حتى إذا ظن أنه قد أروي بشرته أفاض عليه الماء ثلاث مرات. ولهما عنها أيضًا قالت: “كان رسول الله ﷺ، إذا اغتسل من الجنابة دعا بشيء نحو الحلاب، فأخذ بكفه فبدأ بشق رأسه الأيمن، ثم الأيسر، ثم أخذ بكفيه فقلبهما على رأسه”. وعن ميمونة رضي الله عنها قالت: “وضعت للنبي ﷺ، ماء يغتسل به، فأفرغ على يديه فغسلها مرتين أو ثلاثًا، ثم أفرغ بيمينه على شماله فغسل مذاكيره، ثم دلك يده بالأرض، ثم مضمض واستنشق، ثم غسل وجهه ويديه، ثم غسل رأسه ثلاثًا، ثم أفرغ على جسده، ثم تنحى من مقامه فغسل قدميهـ قالت: فأتيته بخرقة فلم يردها وجعل ينفض الماء بيده” رواه الجماعة. (انتهى).
فالفرض المتفق عليه في الغسل هو تعميم جميع الجسم بالماء ، والجمهور يشترط النية ، والحنفية لا يشترطونها ، والمضمضة والاستنشاق فرض عند الحنفية والحنابلة ، وسنة عند الشافعية والمالكية، فالأولى الحرص عليهما في الغسل الواجب.
فروض الغسل
اتفق الفقهاء على أن تعميم الشعر والبشرة بالماء من فروض الغسل لحديث عائشة رضي الله عنها { أن النبي ﷺ كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه , ثم يتوضأ كما يتوضأ للصلاة , ثم يدخل أصابعه في الماء فيخلل بها أصول شعره , ثم يصب على رأسه ثلاث غرف بيديه , ثم يفيض على جلده كله } وعن ميمونة رضي الله عنها قالت { توضأ رسول الله ﷺ وضوءه للصلاة غير رجليه , وغسل فرجه وما أصابه من الأذى , ثم أفاض عليه الماء , ثم نحى رجليه فغسلهما , هذه غسله من الجنابة } ولما روى جبير بن مطعم رضي الله عنه قال : { تذاكرنا غسل الجنابة عند النبي ﷺ , فقال رسول الله ﷺ : أما أنا فآخذ ملء كفي ثلاثا فأصب على رأسي , ثم أفيضه بعد على سائر جسدي } . ولقوله ﷺ : { إن تحت كل شعرة جنابة , فاغسلوا الشعر وأنقوا البشر } . قال النووي : إفاضة الماء على جميع البدن شعره وبشره واجب بلا خلاف , ومن ثم يجب إيصال الماء إلى كل ظاهر الجسد ومنه ما تحت الشعرة , سواء كان الشعر الذي على البشرة خفيفا أو كثيفا يجب إيصال الماء إلى جميعه وجميع البشرة تحته بلا خلاف .
حكم المواضع التي لا يصل إليها الماء في الغسل
هل يجب المضمضة والاستنشاق عند الغسل:
هناك مسائل تتعلق بتعميم البشرة والشعر بالماء منها المضمضة والاستنشاق : ذهب الحنفية والحنابلة إلى وجوب المضمضة والاستنشاق في الغسل , قال الحنابلة : الفم والأنف من الوجه لدخولهما في حده فتجب المضمضة والاستنشاق في الطهارة الكبرى والصغرى، فلا يسقط واحد منهما، لما روت عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ قال : {المضمضة والاستنشاق من الوضوء الذي لا بد منه } . وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله ﷺ { أمر بالمضمضة والاستنشاق }، ولأن الفم والأنف في حكم الظاهر , بدليل أن الصائم لا يفطر بوصول شيء إليهما , ويفطر بعود القيء بعد وصوله إليهما . وذهب المالكية والشافعية إلى عدم وجوب المضمضة والاستنشاق في الغسل , لأن الفم والأنف ليسا من ظاهر الجسد فلا يجب غسلهما , واعتبروا غسلهما من سنن الغسل (انتهى).
فليست صفة الغسل فرضا ، وإنما هي سنة.
أدعية الغسل
وأما أدعية الغسل : فليس هناك أذكارا معينة ولا أدعية يسن أو يستحب قولها عند الغسل إلا التسمية، فهي سنة عند الجمهور، وواجبة عند الحنابلة، ويسن التشهد بعده بقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
سنن الغسل
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية : سنن الغسل : التسمية :
ذهب الحنفية والشافعية إلى أن التسمية سنة من سنن الغسل , وعدها المالكية من المندوبات , لعموم حديث : { كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أقطع }.
قال النووي ـ الشافعي ـ : وفيه وجه أنه لا تستحب التسمية للجنب , وهذا ضعيف لأن التسمية ذكر, ولا يكون الذكر قرآنا إلا بالقصد.وذهب الحنابلة إلى وجوب التسمية لقول النبي ﷺ : { لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه } قياسا لإحدى الطهارتين على الأخرى . قال ابن قدامة : ظاهر مذهب أحمد أن التسمية مسنونة في طهارة الأحداث كلها, وعنه أنها واجبة فيها كلها: الغسل والوضوء والتيمم . وقال الخلال : الذي استقرت الروايات عنه أنه لا بأس بترك التسمية .
ولفظ التسمية عند الحنفية باسم الله العظيم والحمد لله على دين الإسلام , وقيل : الأفضل بسم الله الرحمن الرحيم .
وقال النووي : صفة التسمية بسم الله , فإذا زاد الرحمن الرحيم جاز , ولا يقصد بها القرآن . وقال الحنابلة : صفتها بسم الله , ولا يقوم غيرها مقامها , فلو قال : بسم الرحمن , أو القدوس , أو نحوه لم يجزئه .
وقال البهوتي ـ من الحنابلة ـ : الظاهر إجزاؤها بغير العربية ولو ممن يحسنها – كما في التذكية – إذ لا فرق .
ويستحب عند الشافعية أن يبتدئ النية مع التسمية, مصاحبة لها، كما عند الحنفية والحنابلة . قال البهوتي : وقتها عند أول الواجبات وجوبا, وأول المسنونات استحبابا .
ويسن أن يقول بعد فراغه : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمدا عبده ورسوله , ونص الحنفية على أن سنن الغسل كسنن الوضوء سوى الترتيب والدعاء . أهـ
غسل الشعر للرجل والمرأةفي الغسل
أما شعر المرأة فالفقهاء مجمعون على وجوب غسل جميع الشعر في الغسل لكل من الرجل والمرأة ، والجمهور على أن المرأة ذات الضفائر لا يجب عليها حل ضفائرها ، بل يكفيها صب الماء على الشعر وتعميمه به مع تدليك فروة الرأس، فلا يجوز مسح الشعر بدلا من غسله في الغسل الواجب ـ كغسل الجنابة ـ ، إلا إذا وجد مرض وقرر طبيب مسلم أو طبيبة مسلمة ثقة أن الماء يضر بالمرأة ضررا غير يسير ، فحينئذ يجوز لها الاكتفاء بمسح الرأس بدل غسله، كما أجاز بعض المالكية للعروس فقط ليلة الزفاف أن تمسح رأسها إن كان عليه زينة مكلفة.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله:
إذا أفاضت المرأة على رأسها كفى ؛ لأن أم سلمة رضي الله عنها سألت النبي ﷺ عن ذلك فقالت : إِنِّي امْرَأَةٌ أَشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِي فَأَنْقُضُهُ لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ ؟ قَالَ : لا ، إِنَّمَا يَكْفِيكِ أَنْ تَحْثِي عَلَى رَأْسِكِ ثَلاثَ حَثَيَاتٍ ، ثُمَّ تُفِيضِينَ عَلَيْكِ الْمَاءَ فَتَطْهُرِينَ . أخرجه الإمام مسلم في صحيحه .
فإذا حثت المرأة على رأسها الماء ثلاث حثيات كفاها ذلك ولا حاجة إلى نقضه ؛ لهذا الحديث الصحيح .
أهـ
يقول المستشار الشيخ فيصل مولوي ، نائب المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء :
إنّ الجنب سواء كان رجلاً أو امرأة، إذا أراد الاغتسال من الجنابة يتوضّأ وضوءه للصلاة، ثم يُفيض الماء على جميع بدنه، وينوي أو تنوي هي الطهارة فتخرج بعد ذلك طاهرة متوضّئة، فالمطلوب من الجنب غسل الشعر كلّه وليس مجرّد مسحه كما في الوضوء، حيث يُكتفى بمسح بعض الرأس عند كثير من الفقهاء. أمّا غُسُل الجنابة فيجب فيه غَسلُ جميع الشعر مع جميع البدن. وكان رسول الله في غُسُل الجنابة (يخلّل شعره) كما في حديث عائشة الذي أخرجه البخاري. ولم يوجب الرسول ﷺ على المرأة المسلمة أن تنقض ضفائر رأسها لغُسُل الجنابة، إنّما قال لأمّ سلمة: (يكفيك أن تحثّي على رأسك ثلاث حثيات، ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين) أخرجه مسلم. ويدلّ الحديث على أنّ غسل الشعر واجب وليس مجرّد المسح، وعلى هذا اتفاق الفقهاء فيما نعلم.
لكن الحنابلة يوافقون جمهور الفقهاء في غُسُل الجنابة، ويخالفونهم في غسل الحيض والنفاس، حيث يقولون بوجوب نقض الضفائر، لقول الرسول ﷺ لعائشة: (انقضي شعرك وامتشطي) أخرجه البخاري.
وإذاً فلا خلاف بين الفقهاء في وجوب غسل الشعر، وإنّما الخلاف حول نقض الضفائر أو الاكتفاء بغسلها.
ولا يتأثّر هذا الحكم بطول الشعر واحتمال المرض، إنّما إذا رجّح الطبيب احتمال المرض بسبب الغسل، وكان هذا المرض مؤثّراً على النشاط الطبيعي للإنسان – وليس مجرّد زكام محتمل – يمكن عند ذلك تجاوز غسل الشعر والاكتفاء بمسحه بسبب هذه الضرورة إذا بلغت الحدّ الشرعي لإباحة المحظور أو ترك الواجب.(انتهى).
وجاء في الموسوعة :
.. ويجب تعميم شعره وبشره وإيصال الماء إلى منابت شعره وإن كثف، ويجب نقض ضفائر لا يصل الماء إلى باطنها إلا بالنقض، وقال بعض المالكية : يستثنى من وجوب غسل الرأس في الغسل العروس إذا كان شعرها مزينا , فلا يجب عليها غسله , بل يكفيها المسح , قالوا : لما في الغسل من إضاعة المال .(انتهى).