عد كثير من العلماء أن الدخول في الإسلام سبب موجب للغسل، وذهب آخرون إلى أنه على سبيل الاستحباب، لا الوجوب، والراجح في المسألة هو الاستحباب ، وذلك يتفق مع سماحة الإسلام ويسره .
يقول الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي في كتابه فقه الطهارة :
اختلف الفقهاء في وجوب غسل الكافر إذا أسلم، فقال بعضهم: هو واجب. واستدلوا بحديث أبي هريرة في إسلام ثمامة بن أثال. وأن الرسول قال لهم: “اذهبوا به إلى حائط بني فلان، فمروه أن يغتسل” رواه أحمد وابن خزيمة. ولكن العلماء ضعفوه .
والثابت في الصحيح في خبر ثمامة، أنه حين أطلقه النبي ﷺ: انطلق إلى محل قريب من المسجد، فاغتسل، ودخل المسجد، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله .
كما استدلوا بحديث قيس بن عاصم، قال: أتيت النبي ﷺ أريد الإسلام، فأمرني أن أغتسل بماء وسدر .
قال الخطابي: هذا عند أكثر أهل العلم على الاستحباب لا على الإيجاب. وقال الشافعي: إذا أسلم الكافر أحببت له أن يغتسل، فإن لم يفعل، ولم يكن جنبا: أجزأه أن يتوضأ ويصلي .
وكان أحمد بن حنبل وأبو ثور يوجبان الاغتسال على الكافر إذا أسلم، قولا بظاهر الحديث. قالوا: ولا يخلو المشرك في أيام كفره من جماع أو احتلام، وهو لا يغتسل، ولو اغتسل لم يصح منه ذلك؛ لأن الاغتسال من الجنابة فرض من فروض الدين، لا يجزيه إلا بعد الإيمان كالصلاة والزكاة ونحوهما. وكان مالك يرى أن يغتسل الكافر إذا أسلم .
وقال أبو بكر من الحنابلة: يستحب ولا يجب، إلا أن يكون قد وجدت منه جنابة زمن كفره، فعليه الغسل إذا أسلم، وإن اغتسل قبل الإسلام، وهو مذهب الشافعي .
وقال أبو حنيفة: لا يجب عليه الغسل بحال، لأن العدد الكبير، والجم الغفير أسلموا زمن النبوة، فلو أمر كل من أسلم بالغسل، لنقل نقلا متواترا أو ظاهرا، ولأن النبي ﷺ بعث معاذا إلى اليمن، لم يذكر الغسل، ولو كان واجبا لأمرهم به، لأنه أول واجبات الإسلام .
وأنا أميل إلى القول باستحباب الغسل لا إيجابه، لأن هذا هو الأقرب إلى طبيعة الإسلام في تيسير الدخول فيه لمن أراد، دون اشتراط طقوس، كالتي تشترطها المسيحية من (التعميد) ونحوه. وأرجح مذهب أبي حنيفة في أنه لو كان عليه جنابة في أيام كفره، فإنه لا يطالب إلا بما يلزمه بعد إسلامه، وقد قال تعالى: (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) الأنفال: وقال ﷺ: “الإسلام يهدم ما قبله” رواه مسلم عن عمرو بن العاص.أ.هـ