الاهتداء بالنجوم إلى عظم الخالق سبحانه، وتحديد جهة السير ومعرفة القبلة والأيام والشهور، كل هذا مطلوب، أما ادعاء معرفة الغيب عن طريق النجوم فهذا حرام شرعا، والإسلام -بتحريم هذه التنبؤات، وبتحريم الاعتقاد فيها- يريد ألا يقيم الإنسان حياته على الصدفة، بل يجب عليه أن يأخذ بالأسباب ويتوكل على الله.
الكهانة وادعاء الغيب قبل الإسلام:
يقول فضيلة الدكتور محمد البهي-رحمه الله –عميد كلية أصول الدين الأسبق-:
كانت هناك قبل الإسلام الكهانة، وهي ادعاء علم الغيب عن طريق الجن. وكان هناك الخط على الرمال لمعرفة المستقبل، وكان هناك الطرق أي ضرب الحصى لتحديد الحظوظ، وكان هناك اقتباس العلم من النجوم على أن لها تأثيرًا في الكون ومجريات الأحداث، فجاء الإسلام وحرم كل هذه التنبؤات بالغيب والحظ والمستقبل، وربط الإنسان بالله وحده، بعد أن يحزم إرادته ويتوكل عليه، وجعله يسعى على هذه الأرض وهو ثابت القدم، قوي في تصميمه وتوكله: لا يتردد في السير لقول كاهن أو عراف، ولا ينتظر ما يتحدث به عن مستقبل قريب أو بعيد، استنادًا إلى النجوم، أو ضرب الحصى، أو الخط على الرمال، ولا يتوقف عن الاتجاه إلى اليمين أو الشمال، حتى يرى الطير يطير يمينًا أو شمالاً.
وكان قول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: “مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله: لا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله، ولا يعلم ما في غد إلا الله، ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله، ولا تدري نفس بأي أرض تموت إلا الله، ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله”.
وكان قوله على الأخص في الاستناد إلى النجوم في علم الغيب: “من اقتبس علمًا من النجوم، اقتبس شعبة من السحر، زاد ما زاد” رواه داود وأحمد.
حكم الاعتقاد بالنجوم:
اعتقاد أن للنجوم تأثيرًا في الكون مذموم، كنجم كذا يجيء بالأمطار، ونجم كذا يأتي بالرياح، ونجم كذا يأتي بالقحط وغلاء الأسعار، ونجم كذا يأتي بالحروب، ونحو ذلك، أما معرفة النجوم على الاهتداء بها إلى عظم الخالق جل شأنه، أو إلى الأوقات والقبلة والشهور أو إلى جهة السير، فهو مطلوب لقوله تعالى: (وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ).
والإسلام -بتحريم هذه التنبؤات، وبتحريم الاعتقاد فيها- يريد ألا يقيم الإنسان حياته على الصدفة؛ إذ قد يصدق المتنبئ مرة عن طريق الصدفة. ولكنه ليس دائم الصدق فيما يتنبأ به وهنا يكون اتباع ما يقوله انزلاقًا في متاهة وحيرة.
وجاءت رسالة الإسلام لتحمل الإنسان على الواقعية، وترشده إلى القوانين التي تمثل إرادة الله في كونه.
وهي قوانين الطبيعة الإنسانية والمجتمع البشري في حياته على الأرض، وقوانين الطبيعة والسعي لتحصيل الرزق وامتلاك ناصية الوضع فيها.