نشأة عبد القادر الجيلاني ونسبه وأسرته:
ويتصل نسب الشيخ عبد القادر من جهة والده بالحسن بن علي بن أبي طالب. فهو عبد القادر بن أبي صالح موسى جنكي دوست بن عبد الله بن يحيى الزاهد بن محمد بن داود بن موسى بن عبد الله بن موسى الجون بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب. أما نسبه من أمه فينتهي إلى الحسين بن علي بن أبي طالب.
ويعود وجود أسرة عبد القادر في جيلان إلى عصور سابقة. ففي عام 250 هـ قدم الحسن بن زيد بن الحسن المثنى بن الحسين بن علي بن أبي طالب إلى طبرستان حيث استدعاه بعض رؤساء العلويين – نسبة إلى علي بن أبي طالب- الساخطين على حكومة بني طاهر. فهزم عاملها وأقام دولة بطبرستان ضمت جيلان وظلت حتى قضى عليها السامانيون عام 314هـ/ 926م: وكان يساعد الحسن هذا نفر من العلويين منهم إدريس بن موسى بن عبد الله بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب، وهو أخو داود بن موسى الجد الرابع لعبد القادر، ولقد قام العلويون بعد ذلك بعدة محاولات لاستعادة نفوذهم إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل، فاكتفوا بالمشاركة في الحياة العامة وآل أمرهم إلى الزعامة الروحية.
أما أسرة عبد القادر الخاصة فكانت تتألف من والده الذي توفى مبكرًا تاركًا عبد القادر وأخاه عبد الله الذي كان يصغره ونشأ نشأته ومات بجيلان شابًا. أما والدته فهي “فاطمة أم الخير” بنت أبي عبد اله الصومعي الحسيني.
والزهد هو السمة الغالبة على أصول عبد القادر. فقد وصف والديه بقوله: “والدي زهد في الدنيا مع قدرته عليها، ووالدتي وافقته على ذلك ورضيت بفعله، كانا من أهل الصلاح والديانة والشفقة على الخلق”. وكذلك اشتهرت والدته وعمته أم عائشة بأنهما كانتا على مكانة عالية من الصلاح. كذلك كان جده لوالدته الشيخ أبو عبد الله الصومعي من مشايخ جيلان وزهادهم المشهورين.
ولقد رفع هذا الطابع الديني من مكانة الأسرة فأسلم لها أهالي جيلان زمام القيادة الروحية، وهذا الطابع الروحي للأسرة طبع في عبد القادر منذ وقت مبكر، وأثر في مواقفه واتجاهاته إزاء المشكلات التي واجهها أو شاهدها في بغداد في ميادين الاجتماع والسياسة والثقافة.
وإذا كنا لا نعرف الكثير عن نشأة عبد القادر في جيلان، إلا أن الأخبار التي أوردها المؤرخون تشير إلى أنه حرص على التمسك بالأخلاق الدينية والنظر إلى القضايا الجادة منذ وقت مبكر، ولعل موت والده المبكر جعل من جده لأمه وليًا له وقدوة، الأمر الذي جعل أهل جيلان ينسبونه إلى جده هذا. فعُرف بسبط أبي عبد الله الصومعي.
انتقال عبد القادر الجيلاني إلى بغداد وحياته هناك:
دراسته العلمية وسلوكه طريق الزهد:
– كرس الشيخ عبد القادر معظم أوقاته للمدرسة فكان لا يخرج منها إلا يوم الجمعة إلى المسجد أو الرباط ولقد قام أسلوبه في التدريس والتربية على مراعاة استعدادات كل طالب والصبر عليه وكان يعتز بمهنة التدريس ويعتبرها “أشرف منقبة وأجل مرتبة” و “أن العالم محبوب من أهل الأرض وأنه سيميز يوم القيامة عمن سواه ويعطي درجات أسمى من غيره” لقد أمضى الشيخ عبد القادر في التدريس ثلاثًا وثلاثين سنة حتى وفاته ولا تزال المدرسة باقية إلى اليوم ولها مكتبة فيها مخطوطات شهيرة وتعرف باسم المكتبة القادرية.
– وقد كان للشيخ عبد القادر منهج وبرنامج تربوي يتلقاه الطالب؛ يضم الإعداد الديني والثقافي والإعداد الروحي والإعداد الاجتماعي.
– وبالرغم من اشتغال الشيخ بالتدريس وإعداد المربين لم ينقطع من مجالس الوعظ العامة التي استهدفت إيصال دعوته إلى عامة الناس. وقد كان في مواعظه شديد الحماسة للإسلام مشفقًا لما آلت إليه تعاليمه في حياة الناس ويود لو استطاع استنفار الخلق جميعًا لنصرة الإسلام.
فهو يقول في إحدى مواعظه:
دين محمد (ﷺ) تتواقع حيطانه ويتناثر أساسه. هلموا يا أهل الأرض نُشيد ما تهدم ونقيم ما وقع!.
وقد حاول إصلاح التصوف بتنقيته مما طرأ عليه وبالحملة على المتطرفين من الصوفية.
وقد حاول محاربة الخصوصيات المذهبية والتصدي للتطرف الباطني وللتيارات الفكرية المنحرفة وكان مهتمًا بهموم المجتمع فكان يدعو لإنصاف الفقراء والعامة.
تعاليم الشيخ عبد القادر الجيلاني في ميدان القيم الإسلامية:
1- التوحيد
2- تصويب مفهوم القضاء والقدر
3- تصويب مفهوم الإيمان
4- تصويب مفهوم أولى الأمر ومفهوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
5- تحديد منزلة الدنيا والآخرة.
6- النبوة والأنبياء.
7- مكانة الزهد في الإسلام.
وبهذا الحماس انطلق الشيخ عبد القادر يستنفر المسلمين إلى الالتفاف حول الإسلام ويدعوهم إلى العودة إلى تعاليمه وحمل رسالته وكان يرى أن صلاح الفرد لا يتم إلا بإصلاح القلب وفك إساره من حب الدنيا والأخلاق الذميمة ومن كل ما يشغل عن الله.
رحم الله الشيخ عبد القادر رحمة واسعة