حج بيت الله الحرام هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وهو واجب مرة واحدة في العمر على كل مسلم بالغ عاقل إذا استطاع إليه سبيلا، أي إذا كانت له القدرة المادية والصحية على أداء هذه الفريضة.
طواف الإفاضة ركن من أركان الحج ،فإن حاضت المرأة قبل طواف الإفاضة ،فعليها أن تنتظر وتؤخر طواف الإفاضة ،فإن كان لايمكن التأخر عن الرحيل ،فيمكن لها أن تتحفظ وتطوف،لأن الأحناف يرون أن الطهارة في الطواف شرط،والشرط قد يجبر بدم،ويرى بعض الفقهاء ألا دم عليها،لأن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها .
وأركان الحج أربعة هي:
1- الإحرام.
2- الوقوف بعرفة.
3- طواف الإفاضة.
4- السعي بين الصفا والمروة.
فهذه الأركان لابد للحاج من الإتيان بها.
وكل هذه الأركان يصح من الحائض والنفساء فعلها، غير الطواف، فإنه يشترط لصحته من المرأة الطهارة من الحيض والنفاس عند جماهير العلماء خلفاً وسلفاً، لقول النبي ﷺ لعائشة رضي الله عنها لما حاضت: “افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري. والحديث متفق عليه.
وقال الحنفية في الراجح عندهم ـ وهو رواية عن الإمام أحمد ـ إن الطهارة من الحيض والنفاس واجبة، وليست شرطاً لصحة الطواف. بل إن من طافت ـ وهي حائض أو نفساء ـ فقد عصت، إذا لم يكن لها عذر، وعليها بدنة. وفي إيجاب البدنة نظر، بل غاية ما يجب عليها شاة لترك الواجب، قياساً على غيره من واجبات الحج، أو لا شيء عليها لأنها تاركة لشرط، و الشرط لا يجبر تركه دم، بل يسقط بالعجز عنه.
وعلى هذا فالذي نرى أنه تبرئ ذمة المرأة هو أن تفعل ما يفعل الحاج، غير أن لا تطوف بالبيت، كما أمر رسول الله ﷺ بذلك أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها. وعلى رفقتها أن ينتظروها ويحتبسوا عليها حتى تتم حجها كاملاً، لأن النبي ﷺ لما علم أن صفية بنت حيي رضي الله عنها حاضت قال: “أحابستنا هي؟” فقالوا: إنها قد أفاضت. فقال: “فلا إذاً”. وفي رواية: “فلتنفر”. والحديث في الصحيحين. ووجه الدلالة منه أن النبي ﷺ لما أُخبر أن صفية حاضت، وظنَّ أنها لم تطف طواف الإفاضة قال: “أحابستنا هي؟” فدلًّ ذلك على أن المرأة إذا حاضت قبل أن تطوف للإفاضة عليها أن تبقى، وأن على من تحتاجه من محارمها أن ينتظروا، وأن يحتبسوا عليها حتى تطهر وتطوف.
ثم إن لم يمكن الانتظار لظروف قاهرة لا يمكن دفعها ولا الاحتيال عليها، وكان بقاء هذه المرأة عن رفقتها غير ممكن، أو سيجعلها في مضيعة، ففي هذه الحالة يَسَعُها أن تذهب، وتبقى على إحرامها، فإذا طهرت رجعت وقضت ما عليها. فإن كان الرجوع متعذراً أو يشق فإن عليها أن تستثفر (تلبس حفاظة)، وتطوف بالبيت، وتهدي شاة تذبح في الحرم لجبر ما فات من واجب.
وهذا قول طائفة من أهل العلم مستندين إلى أدلة وقواعد شرعية منها:
قول الله تعالى: (فاتقوا الله ما استطعتم) [التغابن: 16 ].
وقوله تعالى: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) [البقرة: 286 ].
ولا شك أن الانتظار لغاية الطهر قد يكون فيه من المشقة والتكليف بغير المستطاع، الأمر الذي يتنافى مع هذه النصوص وأشباهها.
ومن القواعد الشرعية التي يمكن أن يفرع عنها هذا القول: أن جميع الشروط والواجبات في العبادة معلقة بالقدرة، فمن عجز عن شيء منها صار إلى البدل، إن كان له بدل، كالتيمم عند فقد الماء، أو العجز عن استعماله، وإن لم يكن له بدل سقط عنه. وبيان ذلك أن غاية ما يقال في الطهارة من الحيض أنها: شرط صحة بالنسبة للطواف، فتسقط بالعجز عنها. ونظير ذلك في الصلاة: فمن عجز عن الطهارة لها، وعن البدل سقطت عنه، كالمأسور.
وقال ابن القيم بعد تقريره لهذا القول: .. ليس في هذا ما يخالف قواعد الشرع، بل يوافقها ـ كما تقدم ـ إذ غايته سقوط الواجب، أو الشرط بالعجز عنه، ولا واجب في الشريعة مع عجز، ولا حرام مع ضرورة..
ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم هذا القول، وأنه لا يجب هدي على المرأة في هذه الحالة. وهو قول حسن صواب.
وممن أفتى بهذا من المعاصرين الشيخ ابن باز رحمة الله على الجميع.