ربى الإسلام المسلمين على التسامح، وجعل للنفس الإنسانية قيمة كبيرة، ونهى عن كل ما يقلل من شأن المسلم، فإن حدث وأخطأ أحد الناس في أخيه ، فعليه أن يبادر بشيئين : الأول : الاعتذار لأخيه لأن هذا حقه عليه، والثاني : استغفار الله تعالى من هذا الذنب، لارتكابه ذنبا.
يقول فضيلة الشيخ الدكتور أحمد الشرباصي -رحمه الله:
دعا أدب الإسلام إلى أن يكون الإنسان طيِّب العشْرة، حسَن المعاملة مع الناس جميعًا، فإذا بدرتْ منه بادرة وجب عليه أن يعتذر إلى مَن تَطاولَ عليه أو أساء إليه قولاً أو فعلاً، فهذا الاعتذار يصلح نفس المعتدَي عليه ويُخفِّف وقع الإساءة في نفسه، وإذا كان الرسول ـ ﷺ ـ قد قال: “إيَّاك وما يُعتذر منه. فقد أراد أن يحرص الإنسان على الاستقامة والمعاملة بالحُسنى حتى لا يقع منه قولٌ أو عمل يُسيء إلى غيره، وبذلك لا يحتاج إلى الاعتذار؛ لأنه لم يقع منه بالفعل أو القول شيءٌ يستحق الاعتذار، ولكن إذا وقع منه سوءٌ كان واجبًا عليه أن يعتذر عنه وأن يُصلح ما في نفسه من سوء، وإذا كان الرسول قد قال: “لم يشكرِ اللهَ مَن لمْ يشكرِ الناسَ”.
فإنا نستطيع أن نقيس على ضوء هذا الهدي النبوي فنقول: من لم يعتذر إلى الناس فإنه لم يحسن الاعتذار إلى الله ولم يحسن الاستغفار إليه مما بَدَرَ منه.
وليس الاعتذار إلى الناس مُغنِيًا عن الاستغفار إلى الله أو مُعارضًا له، فالإنسان يجمع بين الحُسْنَيَيْنِ وهما: أن يعتذر إلى مَن أساء إليه وفي الوقت نفسه يستغفر إلى اللهو يعتذر إليه مما فعل.
والمسلم عادةً يكون حريصًا على حُسن علاقته بغيره وخاصة إذا كان مثله مسلمًا، حتى تدوم العلاقة بين أبناء الإسلام على أساس الود والأخوة والمحبة والسلام العام، والمسلم المثالي هو من كان بين الناس كالعافية، إذا يسَّر الله أسبابها للناس حَمدوه عليه وإذا غابت عنهم تَشوَّقوا إليها وتطلبوا أسبابها.
وعلى الذي أساء إلى شخصٍ آخرَ أن يتأسف له وأن يُرضيه وأن يُزيل أسباب غضبه ويعطي العهد بألَّا يعود إلى مثل هذه الإساءة، ومع هذا يستغفر الله فيكون ذلك أرجَى عند الله للرضا والقبول، وهو الغفور الرحيم.