حكم صلاة الكسوف:
اتفق العلماء على أن صلاة الكسوف سنة مؤكدة في حق الرجال والنساء، وأن الأفضل أن تصلى في جماعة، وإن كانت الجماعة ليست شرطًا فيها، وينادي لها: (الصلاة جامعة).
كيفية صلاة الكسوف:
الجمهور من العلماء على أنَّها ركعتان في كل ركعة ركوعان، فعن عائشة قالت، خسفت الشمس في حياة النبي ـ ﷺ ـ فخرج رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ إلى المسجد فقام فكبر وصف الناس وراءه، فاقترأ قراءة طويلة، ثم كبر فركع ركوعًا طويلاً هو أدنى من القراءة الأولى، ثم رفع رأسه فقال: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، ثم قام فاقترأ قراءة طويلة هي أدنى من القراءة الأولى، ثم كبر فركع ركوعًا هو أدنى من الركوع الأول ثم قال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، ثم سجد ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ذلك حتى استكمل أربع ركعات (الركعة الأولى المقصود بها الركوع) وأربع سجدات وانجلت الشمس قبل أن ينصرف ثم قام فخطب الناس فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله ـ عز وجل ـ لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتموهما فافزعوا إلى الصلاة) رواه البخاري ومسلم.
ورويا أيضًا عن ابن عباس قال: (خسفت الشمس فصل رسول الله ـ ﷺ ـ فقام قيامًا طويلا نحوًا من سورة البقرة، ثم ركع ركوعًا طويلاً، ثم رفع فقام قيامًا طويلاً، وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعًا طويلاً وهو دون الركوع الأول، ثم سجد، ثم قام قيامًا طويلاً، وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعًا طويلاً، وهو دون الركوع الأول، ثم رفع فقام قيامًا طويلاً وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعًا طويلاً وهو دون الركوع الأول، ثم سجد، ثم انصرف وقد تجلت الشمس، فقال: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله).
قال ابن عبد البر: هذان الحديثان من أصح ما روي في هذا الباب، وقال ابن القيم: السنة الصحيحة الصريحة المحكمة في صلاة الكسوف تكرار الركوع في كل ركعة، لحديث عائشة وابن عباس وجابر وأبي بن كعب وعبد الله بن عمرو بن العاص وأبي موسى الأشعري، كلهم روى عن النبي ـ ﷺ ـ تكرار الركوع في الركعة الواحدة، والذين رووا تكرار الركوع أكثر عددًا وأجل وأخص برسول الله ـ ﷺ ـ من الذين لم يذكروه.
وهذا مذهب مالك والشافعي وأحمد وذهب أبو حنيفة إلى أن صلاة الكسوف ركعتان على هيئة صلاة العيد والجمعة، لحديث النعمان بن بشير قال: صلى بنا رسول الله ـ ﷺ ـ في الكسوف نحو صلاتكم يركع ويسجد ركعتين ركعتين ويسأل الله حتى تجلت الشمس، وفي حديث قبصة الهلالي أن النبي ـ ﷺ ـ قال: (إذا رأيتم ذلك فصلوها كأحدث صلاة صليتموها من المكتوب) رواه أحمد والنسائي، وقراءة الفاتحة واجبة في الركعتين كلتيهما ويتخير المصلي بعدها ما شاء من القرآن، ويجوز الجهر بالقراءة والإسرار بها، إلا أن البخاري قال: إن الجهر أصح.
وقت صلاة الكسوف:
وقتها من حين الكسوف إلى التجلي، وصلاة خسوف القمر مثل صلاة كسوف الشمس، قال الحسن البصري، خسف القمر، وابن عباس أمير على البصرة، فخرج فصلى بنا ركعتين في كل ركعة ركعتين (أي ركوعين) ثم ركب وقال: إنما صليت كما رأيت النبي ـ ﷺ ـ يصلي: رواه الشافعي في المسند.
ويستحب التكبير والدعاء والتصدق والاستغفار، لما رواه البخاري ومسلم عن عائشة أن النبي ـ صلى الله عليه سلم ـ قال: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا حياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وتصدقوا وصلوا) ورويا عن أبي موسى قال: خسفت الشمس فقام النبي ـ ﷺ ـ وقال: (إذا رأيتم شيئًا من ذلك فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره).