الزواج بقصد التحليل لا يجوز بحال، وهو محرم بنص السنة المطهرة، وعلى أي زوجين وقعا في ذلك أن يذهبا لأحد العلماء العدول الثقات عله يجد لهم مخرجا غير الزواج المحرم.
فقد يكون الطلاق قد وقع في حالة الغضب الشديد.
أو وقع بصورة بدعية محرمة لا يقع به الطلاق عند بعض الفقهاء.
أو يكون يمين وليس طلاق.
أو غير ذلك مما قد يكون مخرج من المخارج المشروعة، على أن يكون المسؤول من العلماء الثقات والسائل يقول بصدق كل ما حدث بينه وبين زوجته.
رابطة الزواج وثيقة والطلاق في حالة الغضب:
-وأقام الحياة الزوجية على أثبت دعائم الاستقرار وأوفر أسباب الكرامة.
-وجعل للدخول فيه مقدمات وأركانًا وشروطًا توحي بما له عند الله تعالى من أصالة وشأن خطير.
-وجعل للخروج منه كذلك مقدمات ومراحل وشروطًا أحاطها بما يجنب حياة الزوجين عوارض الحمق والغضب ونزوات من لا يقدرون مسئوليات الحياة، ولذا قال عليه السلام: ” أبغض الحلال إلى الله تعالى الطلاق ” . ويقول عليه السلام ” لا تطلقوا النساء إلا من ريبة ” والريبة هنا معناها سوء الخلق الذي بلغ من الشذوذ حدًا لا علاج له ولا طاقة بالصبر عليه.
ولا نطيل بما ورد من التنفير من الطلاق، والترغيب في أن يمسك الزوج زوجته، ولو على كره (فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) النساء : 19 .
-ونمضي لنذكر حديث رسول الله ﷺ الذي أخذ منه المحققون أن طلاق الغضبان لا يقع وهو قوله عليه السلام ” لا طلاق ولا عتاق في إغلاق “، والإغلاق كل حالة تستغلق فيها على المرء مقاصده فيأتي من الأعمال ما لا يقصده وابن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن قال: ” إنما الطلاق عن وطر ” والوطر كل مأرب تتعلق به همة المرء، فيسعى إليه ويحتال لتحقيقه بكل ما وسعته الحيلة.
-وفي ضوء هذه المعاني النبوية الجليلة تتبين أنه لا قيمة لأي طلاق يوقعه صاحبه عند بادرة غضب أو عبارة خلاف، مادامت همته لم تتعلق به من قبل، ولم تكن له فيه نية مبيتة ووطر يرتب له الأمور في أناة، وتوضع المقدمات لإدراكه.
-ونقول في هذا المقام: إنه إذا كان ما وقع بين الزوجين هو غضب أدى إلى الطلاق، فالطلاق لم يقع، والزوجة حل لزوجها، ولا معنى للتفكير في الوسائل المحرمة احتيالاً لاستئناف الحياة الزوجية، لأن الحياة الزوجية لم تنقطع ولم تتوقف حتى تحتاج إلى استئناف . . . وكذلك كل طلاق وقع بين الزوجين من قبل من هذا القبيل.
فإذا كانت المرتان السابقتان على هذه المرة من هذا القبيل، فلا اعتداد بهما، ولا طلاق بين الزوجين.
شبهة الحلف بالطلاق بين الزوجين:
-إن كلمت فلانًا.
-أو إن دخلت بيت فلانة.
-أو إن خرجت من المنزل.
-أو إن فعلت كذا فأنت طالق.
-أو دخلت بيت كذا.
-أو خرجت من المنزل أو فعلت ما نهاها عنه.
فإن الطلاق لا يقع . . . وإذا حلف بالطلاق فيمينه غير منعقدة، لا يقع بها طلاق ما.
ومن المؤسف أن أكثر ما يقع بين الزوجين من الطلاق هو من هذا القبيل الذي لا يؤثر في عقد الزواج بأي فساد، ومع أننا لا نعرف الظروف التي وقع فيها الطلاق المزعوم نميل إلى أنه طلاق من هذا الذي نرى شرعًا أنه لا يقع.
ومع ذلك نسأل الزوج أو الزوجين: هل وقع الطلاق وهي حائض ؟ أو هل وقع في طهر جامعها فيه . فإذا كان الزوج أوقع طلاقه وهي حائض فهو طلاق بدعة، وإذا كان وقع في طهر جامعها فيه، فهو كذلك طلاق بدعة، وطلاق البدعة لم يشرعه الإسلام وكثير من الأئمة لا يوقعونه ولا يعتدون به.
ونوصي الزوجين أن ينظرا في طلاقهما المزعوم هذه المرة والمرتين السابقتين، هل وقع عن وطر في كل مرة ؟ أي من رغبة ودراسة، ومحاولات للإصلاح انتهت بالفشل ووجوب الفراق . . . وهل وقع الطلاق بعد تقريره ودراسته – طلاق بدعة أو طلاق سنة ؟ . . . لننظر إلى طلاقها على ضوء ذلك كله، فإن كان الطلاق سنة وعن وطر وفي كل مرة فالزوجة بائنة بينونة كبرى لا تحل لزوجها حتى تنكح زوجًا غيره، أما المحلل المنشود فهو حرام، وهو زنا، وقد لعن رسول الله ﷺ المحلل والمحلل له، والرجل الذي يقبل أن يمثل دور الزوج الوهمي في مهزلة المحلل سماه رسول الله ﷺ التيس المستعار . . . فلا يحل لهذا الرجل ولا لغيره أن يقدم على ذلك الإثم الحقير.
الطلاق البدعي وزواج المحلل:
وزواج المحلل حراما إذا كان مقصودا، والله تعالى يقول: (فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) البقرة : 230
ولم يقل حتى تنكح رجلاً غيره، فسماه زوجًا تسمية صريحة، والرجل لا يكون زوجًا إلا إذا كان له نية الزواج الشرعي المنعقدة على الاستمرار، وتحقيق ما امتن به سبحانه . بقوله: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها) (الروم: 21) ومن ذلك تفكيره في المهر واجتهاده في إعداد بيت الزوجية إلى آخر ما هو معلوم عن كل زواج حقيقي تعلق به القصد والهمة . . .
ومما لا شك فيه أن الرجل لا يفكر لعملية المحلل المطلوبة في أي شيء مما ذكر، لأنه لا يفكر إلا أن ذلك وسيلة لتحليل المرأة لزوجها الأول، وقد تبين ما فيه من مجافاة لأحكام الحلال في دين الله.