الصلاة أمرها عظيم وشأنها كبير، وهي أعظم فريضة، وأهم فريضة بعد الشهادتين، وقد أكثر الله من ذكرها في كتابه المبين تعظيما لشأنها وحثا للأمة على القيام بها والعناية بها والمحافظة عليها، ومن هذا قوله سبحانه وتعالى: ( حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ) [البقرة:238]، وقوله تعالى : ( وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) [النور:56]، وقد أثنى الله تعالى على من حافظ عليها وخشع فيها وجعل ذلك من أوصاف المؤمنين الموعودين بالجنة، فقال سبحانه وتعالى: ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ) [المؤمنون:1، 2].
أفضل أوقات الصلاة
اختلف في تقدير وقت الأفضلية لكل صلاة:-
قال الإمام النووي الشافعي:-
فيما يحصل به فضيلة أول الوقت في جميع الصلوات ثلاثة أوجه :
الأول: أصحها أنه يحصل بأن يشغل أول دخول الوقت بأسباب الصلاة كالأذان والإقامة وستر العورة وغيرها , ولا يضر الشغل الخفيف كأكل لقم وكلام قصير , ولا يكلف العجلة على خلاف العادة .
الثاني : يبقى وقت الفضيلة إلى نصف الوقت وادعى صاحب البيان أنه المشهور , وكذا أطلقه جماعة .
وقال آخرون : إلى نصف وقت الاختيار .
الثالث : لا تحصل فضيلة أول الوقت حتى يقدم قبل الوقت ما يمكن تقديمه من الأسباب لتنطبق الصلاة على أول الوقت .
وعلى هذا قيل : لا ينال المتيمم فضيلة أول الوقت , وهذا الوجه الثالث غلط صريح فإنه مخالف للسنة المستفيضة عن فعل رسول الله ﷺ وعن أصحابه فمن بعدهم من التابعين وسائر أئمة المسلمين .انتهى.
أفضلية الصلاة في أول وقتها
يقول الشيخ العلامة ابن العثيمين مبينا أن الإسراع بالصلاة أفضل من تأخيرها ومبينا أسباب ذلك:-
….لأن النبي ﷺ حَثَّ على البَدَاءة بالصَّلاة من حين الوقت؛ فسأله ابن مسعود: أيُّ العمل أحبُّ إلى الله؟ قال النبي ﷺ: «الصَّلاةُ على وقتها»، أي: من حين دخول وقتها.
وقد قال بعض العلماء: إن معنى قوله: «على وقتها»، أي: وقتها المطلوب فعلها فيه شرعاً، سواء كان ذلك في أول الوقت أم آخره(5). وهذا حقٌ، لكن الأفضل التقديم؛ حتى يقوم دليلٌ على رُجحان التَّأخير.
ولأن هذا أسرع في إبراء الذِّمة؛ لأن الإنسان لا يدري ما يعرض له، فقد يكون في أوَّل الوقت نشيطاً قادراً تَسْهُلُ عليه العِبادة، ثم يمرض، وتصعب عليه الصَّلاة، وربما يموت، فالتَّقديم أسرع في إبراء الذِّمة، وما كان أسرع في إبراء الذِّمة فهو أولى.انتهى.
هل أرض الحمامات العامة نجسة
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:-
الماء الجاري في أرض الحمام خارجا منها أو نازلا في بلاليعها لا يحكم بنجاسته بل بطهارته إلا أن تعلم نجاسة شيء منه ; ولهذا كان ظاهر مذهب أحمد أن الحمام لم ينه عن الصلاة فيها لكونها مظنة النجاسة كما ذهب إليه طائفة من الفقهاء وهو وجه في مذهب أحمد ، ولكن نهي عن الصلاة في الحمام لسبب آخر.
وأما اجتناب ذلك على جهة تنجيسه فحجته أن يقال : إن هذا الماء في مظنة أن تخالطه النجاسة وهو ما يكون في الحمام من القيء والبول ; فإن هذه النجاسة التي قد تكون في الحمام . فأما العذرة أو الدم أو غير ذلك فلا تكاد تكون في الحمام وإن كان فيها نادرا تميز وظهر .
ومن المعلوم بالعادات : أن الماء المطهر والجاري على أرض الحمام أكثر من النجاسات بكثير . فيكون ذلك الماء قد طهر ما مر عليه من نجس فإن اغتسال الناس من غير حدث ولا نجس في الحمامات أكثر من اغتسالهم من إحدى هاتين الطهارتين وهم يصبون على أبدانهم من الماء القراح الذي ينفصل غير متغير أكثر من غيره . انتهى كلام شيخ الإسلام ابن تيمية .
وكلامه هذا في الحمامات العامة التي كانت مخصصة للاستحمام فقط، ودورات المياه عندنا اليوم تشبهها لوجود المقاعد المخصصة للتغوط والتبول، أما أرضية الحمام فتأخذ الحكم الذي تحدث عنه شيخ الإسلام ابن تيمية.