روى عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله ﷺ: ” مَن شرِب الخمرَ لم تُقبَلْ له صلاةٌ أربعينَ يومًا ، فإن تاب تاب اللهُ عليه ، فإن عاد الثانيةَ لم تُقبَلْ له صلاةٌ أربعينَ يومًا ، فإن تاب تاب اللهُ عليه ، فإن عاد الثالثةَ لم يُقبَلْ له صلاةٌ أربعينَ يومًا ، فإن تاب تاب اللهُ عليه ، فإن عاد الرابعةَ لم يُقبَلْ له توبةٌ ، وكان حقًّا على اللهِ عزَّ وجلَّ أن يسقيَه مِن طينةِ الخبالِ ، قيل : ما طينةُ الخبالِ ؟ قال : ما يخرُجُ مِن صديدِ أهلِ النارِ” أخرجه أحمد وابن ماجه.
والحديث واضح في عدم قبول الصلاة لمن لم يتب، والمدمن، وهو الذي لاينقطع عن شرب الخمر، لايعتبر تائباً، ويشمله الحديث في حرمانه من ثواب الصلاة، لكن ذمته تبرأ ويسقط عنه قضاء هذه الصلوات.
مالمقصود بعدم قبول صلاة مدمن الخمر
يحتمل أن المراد بالصلاة التي لاتقبل صلاة الصبح وهي أفضل الصلوات، أو أن المراد بلفظ “صباحاً” يوماً، فلا تقبل صلاة أربعين يوماً، والحديث فيه ترهيب شديد لشارب الخمر خاصة الذي لا يتوب.
متى يقام الحد على شارب الخمر
قال علماء اللجنة الدائمة :”الحدود إذا بلغت الحاكم الشرعي ، وثبتت بالأدلة الكافية : وجب إقامتها ، ولا تسقط بالتوبة ، بالإجماع ، قد جاءت الغامدية إلى النبي ﷺ طالبة إقامة الحد عليها بعد أن تابت ، وقال في حقها : ” لقد تابت توبة لو تابها أهل المدينة لوسعتهم ” ، ومع ذلك قد أقام عليها الحد الشرعي ، وليس ذلك لغير السلطان .
أما إذا لم تبلغ العقوبة السلطان : فعلى العبد المسلم أن يستتر بستر الله ، ويتوب إلى الله توبة صادقة ، عسى الله أن يقبل منه” انتهى .
حكم السعي لإقامة الحد
إن ستر الإنسان لنفسه أولى من سعيه لإقامة الحد عليه، ومنه يُعلم أن الحد ليس شرطا للتوبة، وأن التوبة تصح بدونه، ومن باب أولى أن الأعمال الصالحة الأخرى تقبل من دون إقامة الحد؛ لأنه لا علاقة بينها وبين الحد.
فيجب على مدمن الخمر أن يتوب إلى الله، ويقلع عن أم الخبائث، ونية التوبة والإقلاع الفعلي لاشك تخرجه من دائره الإثم، وإن عاد مرة وأخرى فلا ييأس، فباب التوبة مفتوح، وما ورد في الحديث المذكور أنه إن رجع للمرة الرابعة، ثم تاب لم يتب الله عليه، هذا مراده المبالغة في الوعيد، والزجر الشديد.