دِينُنا الإسلاميّ مَبنيٌّ على التيسير لا التعسير، وما خُيِّرَ ـ ﷺ ـ بين أمرينِ إلا اختار أيْسرَهما ما لم يكن إثْمًا، ومِن أحاديثه عليه الصلاة والسلام: “إنَّ هذا الدِّينَ يُسْرٌ، ولنَ يُشَادَّ الدِّينَ أحدٌ إلَّا غَلَبهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا” .
وصيام رمضان وإن كان فرضًا إلا أنه غير خارج أن يكون التيسير فيه أولَى، والله يقول: (شَهْرُ رَمضانَ الذي أُنْزِلَ فيهِ القُرآنُ هُدًى للناسِ وبَيِّنَاتٍ مِنَ الهُدَى والفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنكمُ الشهرَ فَلْيَصُمْهُ ومَن كان مَرِيضًا أو على سَفَرٍ فعِدَّةٌ مِن أيامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بكمُ اليُسْرَ ولا يُريدُ بكمُ العُسْرَ) ويقول سبحانه في آيةٍ أخرى: (وأَنْفِقُوا فِي سَبيلِ اللهِ ولا تُلْقُوا بأَيْدِيكُمْ إلَى التَّهْلُكَةِ وأَحْسِنُوا) ويقول: (ولا تَقْتُلُوا أَنْفسَكُمْ إنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحِيمًا) والحديث عن رفْع الحرَج في دِيننا الإسلاميّ يَطول، وأدلَّتُه كثيرة.
فالواجب على المسلم أن لا يشدَّد على نفسه، وإذا كان النُّهوض بتكليفات الدين دليلُ تَقْوى، فإن مِن تكليفات الدين إتيانَ الرُّخَص التي رخَّص فيها الشارع الحكيم لأصحاب الأعْذار، فالله يحب أن تُؤتَى رُخَصُه كما يحب أن تُؤتَى عزائمُه، وقد استنتج الفقهاء مِن قوله تعالى: (وعلَى الذينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيةٌ طعامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فهُوَ خيرٌ لهُ) أن للشيوخ الضعفاء والزَّمْنَى ونحوهم الفِطْرَ، وأن يُطعموا عن كل يوم مِسكينًا.
وإذا كان المرض شديدا عليه، وعُلم بإخبار الطبيب أو بالتجربة أو بغَلَبةِ الظن أن الصوم يَضُرُّه، فلا بأس في أن يفطر ويطعم عن كل يوم مِسكينًا، خاصةً أذا كان ليس في سِنِّ الشباب بل يكون مُسِنَّا، وإذا لم يَستفد المسن مِن يُسر الدين مَن مَرِضَ فمَتى يَستفِيد!