هل الأنبياء يورثون:
هل حجرات النبي تورث:
وفي صحيح الجامع الصغير:”كل مال النبي صدقة إلا ما أطعمه أهله وكساهم إنا لا نورث . ” وعلى هذا الحديث يتفرع تملك أمهات المؤمنين للحجر لأن الحجر قد خرجت من ملك النبي ﷺ لنسائه فتملكنها بالهبة الكائنة منه ﷺ، والهبة أحد أسباب التملك، ولذلك فارقت ملك النبي ﷺ فلم تدخل في الصدقة الواجبة في ماله ﷺ بعد وفاته.
والنبي ﷺ كان يبني لكل زوجة من زوجة حجرة خاصة بها، كانت هبة منه ﷺ لها تملكتها كل منهنَّ بالقبض، ولذلك لم تدخل هذه الحُجر ضمن ما تركه النبي ﷺ الذي صار صدقة، وذهب الحافظ العراقي إلى أن نفقة أمهات المؤمنين جارية حتى بعد موته ﷺ ، ويدخل ضمن النفقة المسكن.
لم يمنع أبو بكر الصديق حقا لفاطمة رضي الله عنها:
لماذا لم ترث فاطمة رضي الله عنها:
أن النبي ﷺ لا يورث، وبهذا قال جمهور العلماء من السلف والخلف، وحكى ابن عبد البر وغيره عن بعض أهل البصرة منهم ابن علية أنه إنما لم يورث؛ لأن الله تعالى خصه بأن جعل ماله كله صدقة زيادة في فضيلته أهـ
ولهذا لم يعط سيدنا أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ فاطمة الزهراء ـ رضي الله عنها ـ فدك، ولما آلت الخلافة لعلي رضي الله عنه لم يورِّث فدك لأبناء فاطمة الزهراء.
ومن طريف ما يروى ما ذكره ابن الأعرابي أن أول خطبة خطبها أبو العباس السفاح في قرية يقال لها: العباسية بالأنبار، فلما افتتح الكلام ،وصار إلى ذكر الشهادة من الخطبة قام رجل من آل أبي طالب في عنقه مصحف، فقال : أذكرك الله الذي ذكرته إلا أنصفتني من خصمي وحكمت بيني وبينه بما في هذا المصحف. قال له : ومن ظلمك ؟. قال : أبو بكر الذي منع فاطمة فدك، فقال له وهل كان بعده أحد ؟ قال : نعم. قال من ؟ قال : عمر. وأقام على ظلمكم قال : نعم. قال : وهل كان بعده أحد ؟ قال: نعم. قال : من ؟. قال : عثمان. قال : وأقام على ظلمكم. قال : نعم قال : وهل كان بعده أحد ؟ قال : نعم. قال من ؟ قال: أمير المؤمنين علي بن أبي طالب. قال، وأقام على ظلمكم. فأسكت الرجل وجعل يلتفت إلى ما وراءه يطلب مخلصا، فقال : والله الذي لا إله إلا هو لولا أنه أول مقام قمته ثم إني لم أكن تقدمت إليك في هذا قبل لأخذت الذي فيه عيناك اقعد، وأقبل على الخطبة. أهـ
الحكمة في أن الأنبياء لا يورثون:
قال النووي : قال العلماء: الحكمة في أن الأنبياء صلوات الله عليهم لا يورثون أنه لا يؤمن أن يكون في الورثة من يتمنى موته فيهلك، ولئلا يظن بهم الرغبة في الدنيا لوارثهم فيهلك الظان ، وينفر الناس عنهم.
قلت : ولأنهم أحياء ولهذا وجبت نفقة زوجاته عليه الصلاة والسلام بعد موته ; ولأنهم لعظم شأنهم لا تكون نعم الله عليهم إلا عائدة على أخراهم، ولا يسلبون منفعة ما أنعم به عليهم ولو ورثوا لسلبوا منفعة ما ورثوه وكان الانتفاع به إنما هو لورثتهم لا لهم، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام { أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله } وقال أبو بكر: إنما المال الآن للوارث، وهذا معنى حسن، ولم أر من تعرض له.