إن النذر عند أهل العلم هو أن يلزم المكلف نفسه بقربة لم يلزمه بها الشارع الحكيم ، وهذا النذر محل السؤال نذر مكروه ، وهو ما يعرف عند العلماء بالنذر المعلق حيث إن المكلف علق فعل القربة على حصول غرض معين فلم تكن نيته خالصة لله تعالى ، وإنما كانت القربة على سبيل المعاوضة وهذا شأن البخيل الذي لا يدفع شيئاً من ماله إلا بمقابل .
عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما أن الرسول ﷺ :( نهى عن النذر وقال إنه لا يرد شيئاً وإنما يستخرج به البخيل ) رواه البخاري ومسلم وغيرهما .
وذهب جمهور العلماء إلى وجوب الالتزام بما نذره الناذر في العين وفي المصرف، ويجوز عند أبي حنيفة تغيير محل الصرف إذا رأى في ذلك مصلحة؛ لأن المال خرج من ذمته تقربًا إلى الله، فلا فرق بين أن يعطيه لفلان أو لفلان، إلا إذا كان فيما عيَّنه زيادة قربة كالأقارب،، فإن الصدقة عليهم صدقة وصلة رَحِم، وكذلك إذا رأى أن بناء مسجد أو مدرسة لتحفيظ القرآن وتعليم الدين، أو مصحة لعلاج الفقراء أحسن من إعطاء كل فقير مبلغًا ينفقه في مصلحة وقتية غير دائمة النفع، فإن توجيه النذر للفقراء إلى هذه المرافق العامة المفيدة أفضل، وهو رأي طيب لا مانع من الأخذ به، بناء على رجحان المصلحة.
ومثل ذلك ما لو نذر أن يصلي الضُّحى أو التراويح في مسجد معين، فإنه على رأي أبي حنيفة: يجوز له أن يصلِّي في أي مسجد آخر، فالأرض كلها مسجد، وكل المساجد بيوت الله، اللهم إلا إذا نذر أن يُصلي في المسجد الحرام أو مسجد المدينة أو المسجد الأقصى فإنه لا يجوز أن يصلي في أي مسجد سواها، لما لها من الفضل الذي وردت به الأحاديث.