الثابت عن رسول الله ﷺ أنه كان يبقى في مكانه بعد أن يسلم من صلاته بمقدار قوله “اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام” ثم يترك مكانه، ومن ثم فالأولى بالإمام إذا فرغ من صلاته أن يترك مكانه وإن كان من أهل العلم فله أن يبقى في مكانه ويستقبل المصلين بوجه، لإلقاء موعظة أو ليهتدي من كانت له مسألة.
يقول فضيلة الدكتور أحمد طه ريان -أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر-:
فإن الأفضل للإمام بعد سلامه من الصلاة أن ينتقل من مكانه الذي أمّ فيه المصلين إلى مكان آخر ليختم صلاته، لما أخرجه مسلم وأحمد والترمذي، وابن ماجة، عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: “كان رسول الله ـ ﷺ ـ إذا سلم من صلاته لم يقعد إلا مقدار ما يقول: “اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام” كما أخرجه عبد الرزاق من حديث أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: “صليت وراء النبي ـ ﷺ ـ فكان ساعة يسلم يقوم، ثم صليت خلف أبي بكر فكان إذا سلم وثب ـ أي من مكانه الذي أمّ فيه الناس ـ فكأنما يقوم عن رضفة” والرضفة: هي الحديدة المحماة.
وإذا كان الإمام من أهل العلم ممن يعظ الناس ويعلم، فلا بأس أن يجلس مكانه، لكن مقبلا على المصلين بوجهه أو من كان على جهة الميمنة منهم، وذلك لما جاء في حديث سمرة ـ رضي الله عنه ـ عند البخاري قال: “كان النبي ـ ﷺ ـ إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه.
وعن البراء بن عازب ـ رضي الله عنه ـ فيما رواه مسلم وأبو داود قال: “كنا إذا صلينا خلف رسول الله ـ ﷺ ـ أحببنا أن نكون عن يمينه فيقبل علينا بوجهه.
أما أن يستمر الإمام جالسا في موضعه موليا ظهره للمأمومين بعد انتهاء الصلاة فهو مخالف لما ورد عن رسول الله ـ ﷺ ـ وأصحابه؛ لذا قال الزين بن المينر: استدبار الإمام المأمومين إنما هو لحق الإمامة، فإذا انقضت الصلاة زال السبب، واستقبالهم حينئذ يرفع الخيلاء والترفع على المأمومين.
وبناء على ما سبق فالأفضل للإمام أن ينصرف عن موضع الإمامة بعد انقضاء الصلاة، وإن كان من أهل العلم والتعليم له أن يستمر في موضعه لكن متجها إلى المأمومين بوجهه، ولا يحق له أن يجلس موليا ظهره للمأمومين.