حمل الميت لا يوجب الوضوء عند أحد من أهل العلم ، وقد روي حديث في الأمر به عند حمل الميت ، فقال بعض العلماء : إنه حديث منسوخ ، وقال بعضهم : المقصود بالوضوء غسل اليدين ، وقال بعضهم : المراد حمل الميت دون واسطة ، أما حمله بواسطة النعش فلا وضوء فيه ، وقال بعضهم : بل الحديث ثابت ، والمراد منه الوضوء ، لكنه مندوب لا واجب ، أما من غسل الميت فالمستحب له أن يغتسل .
يقول الدكتور يوسف القرضاوي :-
من الأغسال التي استحبها بعض العلماء: الاغتسال بعد غسل الميت، للحديث الذي رواه أبو هريرة أن رسول الله ﷺ قال :- “من غسل ميتا فليغتسل، ومن حمله فيلتوضأ”. رواه أحمد، والنسائي، والترمذي وحسنه، وصححه ابن حبان.
وقال الإمام أحمد بن حنبل :-
إنه منسوخ بما رواه ابن عباس: ليس عليكم في غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه. إن ميتكم يموت طاهرا وليس بنجس، فحسبكم أن تغسلوا أيديكم” رواه البيهقي وضعفه، وتعقبه ابن حجر بما أثبت أن الحديث حسن.
وحمل العلماء الأمر في هذا الحديث على الندب، بدليل حديث ابن عباس: “إن ميتكم يموت طاهرا، فبحسبكم أن تغسلوا أيديكم”.
وبدليل ما رواه عبد الله بن أحمد بن حنبل عن عبد الله بن عمر قال :-
كنا نغسل الميت، فمنا من يغتسل، ومنا من لا يغتسل. قال ابن حجر: إسناده صحيح.
وقال الصنعاني في سبل السلام:
وأما قوله: “ومن حمله فليتوضأ” فلا أعلم قائلا يقول: يجب الوضوء من حمل الميت ولا يندب. قال: ولكنه ـ مع نهوض الحديث ـ لا عذر عن العمل به. ويفسر الوضوء بغسل اليدين، كما يقيده التعليل بقوله: “إن ميتكم يموت طاهرا” فإن لمس الطاهر لا يوجب غسل اليدين منه، فيكون غسل اليدين منه ندبا تعبدا. والمراد: إذا حمله مباشرا لبدنه بقرينة السياق.
وعلى هذا: من حمل النعش لا يدخل في هذا الحديث، لأنه لم يباشر بدن الميت بالحمل، وقد حمله بعضهم على ندب الوضوء لمن تابع حمله، حتى يصلى عليه.