إذا مات رجل في حياة والده، وكان لهذا الرجل أولاد، ثم مات جدُّهم، فهل يَرثون في جدهم النصيب الذي كان يستحقه أبوهم؟
قال تعالي: ( كُتِبَ عليكم إذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حقًّا عَلَى المُتَّقِينَ) (سورة البقرة:180)، وقال أيضًا: (يُوصِيكُم الله في أولادِكُمْ للذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ) ( سورة النساء :11)، وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( لا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ ) رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن.
تحدَّث العلماء عن الآية الأولي: هل نُسخت بالآية الثانية، بِناءً على إحدى روايات الحديث المذْكور، وهي” إنَّ الله أعْطى كلَّ ذِي حقٍّ حقَّه” ألا لا وصيَّة لوَارِثٍ” أو هي باقية لم تُنْسَخ؟
ثم قالوا في نظام الميراث: الابن يحجب أولاد الابن، لكن البنت لا تحجب أولاد الابن، فلو مات رجل، وترك أبناء، وأولاد ابن مات قبله حُرِم هؤلاء الأولاد من الميراث من جدهم، وتعرضوا للضياع، لكن لو مات وترك بنتًا وأولاد ابن مات قبله فإن هؤلاء الأولاد يرثون في تَرِكَة جدِّهم كَعَصَبَة، لهم الباقي بعد أصحاب الفروض.
وتلافيًا لضياع أولاد الابن المحجوبين عن الميراث، وُجِد أن بعض العلماء قالوا بوجوب الوصية ـ الآية الأولي ـ لمَن لم يكن لهم ميراث.
وبناءً عليه وضع القانون رقم 71 لسنة 1946 م وعُمِل به في مصر، من أول أغسطس من العام المذكور، وجاء في المادة 76 منه:
إذا لم يُوصِ الميت لفرع ولده الذي مات في حياته أو مات معه ولو حُكْمًا – بمثل ما كان يستحقُّه هذا الولد مِيراثًا في تَرِكَتِهِ، لو كان حيًّا عند موته – وجبت للفرع في التَّرِكَة وصيةٌ بقدْر هذا النصيب في حدود الثلث، بشرط أن يكون غيرَ وارث وألا يكون الميت قد أعطاه بغير عِوَض عن طريق تصرُّفٍ آخر قدْر ما يجب له، وإن كان ما أعطاه أقل منه وجبت له وصية بقدر ما يُكَمِّله.
وتكون هذه الوصية لأهل الطبقة الأولى من أولاد البنات ولأولاد الأبناء من أولاد الظهور وإن نزلوا.
وعلى هذا يكون لأولاد الابن المُتوفَّى في حياة أبيه وصيَّةٌ واجِبَة في تركة جدِّهم بمقدار ما كان يستحقه أبوهم لو كان حيًّا، وذلك بشروط هي:
1- أن يكون هذا الفرْع غيرَ وارث، وهو لا يَرث إذا كان هناك عمٌّ له وهو أخو أبيه.
2- أن يكون الفرْع موجودًا على قيد الحياة عند موت جده.
3- أن يكون من أولاد الظهور ـ الأبناء ـ أو الطبقة الأولى من أولاد البنات.
4- ألا يكون الفرْع ممنوعًا من ميراث أصله ولا محجوبًا به، كأن يكون قاتلاً له أو مرتدًّا.
5- ألا يكون له نصيب في الميراث من التَّرِكَة التي وَجَبَتْ فيها الوصية، كما لو استغرقتها الفروض.
6- ألا يكون المتوفَّى ـ الجد ـ قد أعْطى فرعه المستحِقَّ للوصية الواجبة ما يُساوى نَصيب أصله بطريق التبرُّع، فإن كان قد أعطاه بلا مُقابل فلا حقَّ له بطريق الوصيَّة، إلا إذا كان ما أخذه أنقص من استحقاقه، فيُستكمل له.
هذا، والمادة 37 من القانون المذكور تقول:
تَصح الوصية بالثلث للوارث وغيره، وتُنفَّذ من غير إجازة الورثة، وتَصح بما زاد على الثلث، ولا تُنفَّذ في الزيادة إلا إذا أجازها الورثة بعد وفاة المُوصِي، وكانوا من أهل التَّبرُّع عالِمِين بما يُجِيزونه.