الوسواس مرض نبه عليه الرسول (ﷺ) وهو من فعل الشيطان -لعنه الله-؛ فالشيطان بعد مجيء الرسول (ﷺ) يئس من أن يُعبد من دون الله في شكل أصنام أو شكل آخر، ولكن الرسول (ﷺ) حذرنا منه، وأنه لا يمل من أن يفسد علينا عبادتنا، وأن يشغلنا عنها، وأن يزرع الشك في نفوسنا، ويجعلنا نعيد الصلاة، ونعيد الركعات، ونعيد القراءة، ونعيد التكبيرات حتى تثقل علينا، ويجعلنا نستثقل حضورها، ونستصعب أداءها، ونجد الشقاء فيها، بينما الأصل فيها هو الراحة والطمأنينة، فالرسول (ﷺ) كان يقول لبلال –رضي الله عنه-: “أرحنا بها يا بلال”.
ماذا يفعل من ابتلي بالوسواس؟
1 – قراءة القرآن والمداومة عليها مهما كان.
2 – المحافظة على الصلاة ومحاولة التدبر في معاني الآيات التي يقرؤها.
3 -استحضار مراقبة الله له عند أدائها، ويتصور وقوفه بين يديه؛ ليحقق ما قاله الرسول (ﷺ) وهو: “أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك” (حقيقة الإحسان).
4 – أن يلجأ إلى الرقية الشرعية؛ فالقرآن شفاء لما في الصدور، فالله القائل: “وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين
أهمية الرقية في علاج المرض؟
لقد أُثر عن الإمام القشيري -رحمه الله- أن ولده مرض، فاستعصى حاله إلا أنه لما رقى ولده عدة مرات وأيام شُفي بإذن الله؛
فعليك أيها المسلم بآيات الشفاء، ولا تنسَ أن تلتزم الأدعية الواردة في الرقية على لسان رسول الله (ﷺ)، وهي مذكورة في كتب الأذكار والأدعية، وفي كتب الصحاح والأدعية.
الرقية بالفاتحة؟
ينبغي لمن يقرأ القرآن أن يستشعر عظمة القرآن، وأن يعلم علم يقين، أنه شفاء محقق، دون أي شك وقلق، ومن لم يشفه القرآن فلا شفاه الله، ومن لم يكفه القرآن فلا كفاه الله، كما قال ابن القيم.
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى وهو يتحدث عن الفاتحة: ومكثت بمكة تعتريني أدواء لا أجد لها دواء، فكنت أعالج نفسي بالفاتحة، وأرى لها تأثيرا عجيبا، فكان بعضهم يشكون إليَّ أمراضهم، فأصفها لهم – أي: الفاتحة – فيبرأ كثير منهم سريعًا بإذن الله سبحانه وتعالى.
روى البخاري في صحيحه أنه انْطَلَقَ نَفَرٌ مِن أَصْحَابِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا، حتَّى نَزَلُوا علَى حَيٍّ مِن أَحْيَاءِ العَرَبِ، فَاسْتَضَافُوهُمْ فأبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ، فَلُدِغَ سَيِّدُ ذلكَ الحَيِّ، فَسَعَوْا له بكُلِّ شَيءٍ، لا يَنْفَعُهُ شَيءٌ، فَقالَ بَعْضُهُمْ: لو أَتَيْتُمْ هَؤُلَاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا؛ لَعَلَّهُ أَنْ يَكونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَيءٌ، فأتَوْهُمْ، فَقالوا: يا أَيُّهَا الرَّهْطُ، إنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ، وَسَعَيْنَا له بكُلِّ شَيءٍ، لا يَنْفَعُهُ؛ فَهلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنكُم مِن شَيءٍ؟ فَقالَ بَعْضُهُمْ: نَعَمْ، وَاللَّهِ إنِّي لَأَرْقِي، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا، فَما أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ حتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا، فَصَالَحُوهُمْ علَى قَطِيعٍ مِنَ الغَنَمِ، فَانْطَلَقَ يَتْفِلُ عليه، وَيَقْرَأُ: (الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ)، فَكَأنَّما نُشِطَ مِن عِقَالٍ، فَانْطَلَقَ يَمْشِي وَما به قَلَبَةٌ، قالَ: فأوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمُ الَّذي صَالَحُوهُمْ عليه، فَقالَ بَعْضُهُمْ: اقْسِمُوا، فَقالَ الَّذي رَقَى: لا تَفْعَلُوا حتَّى نَأْتِيَ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَنَذْكُرَ له الَّذي كَانَ، فَنَنْظُرَ ما يَأْمُرُنَا، فَقَدِمُوا علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَذَكَرُوا له، فَقالَ: وَما يُدْرِيكَ أنَّهَا رُقْيَةٌ؟ ثُمَّ قالَ: قدْ أَصَبْتُمْ، اقْسِمُوا، وَاضْرِبُوا لي معكُمْ سَهْمًا. فَضَحِكَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.