هل كان يطيل النبي ﷺ في الخطبة:
وقد بين أن الساعة التي يخطب فيها الإمام لا يرد فيها الدعاء ، لذلك فلا بأس بالدعاء وقت الخطبة ، لأن هذه الساعة تنتهي بنزول الخطيب كما في صحيح مسلم .
على ماذا كان يقف النبي ﷺ أثناء الخطبة:
خطب رسول الله ﷺ على الأرض ، وعلى المنبر، وعلى البعير ، وعلى الناقة – يقصد في غير الجمعة – وكان إذا خطب احمرت عيناه ، وعلا صوته ، واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش ، يقول : صبحكم ومساكم ويقول : بعثت أنا والساعة كهاتين ، ويقرن بين أصبعيه السبابة والوسطى ، ويقول : أما بعد : فإن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة .
بماذا كان يفتتح النبي الخطبة:
وكان يخطب قائما ، وفي مراسيل عطاء وغيره أنه كان إذا صعد المنبر أقبل بوجهه على الناس ثم قال السلام عليكم .
قال الشعبي : وكان أبو بكر وعمر يفعلان ذلك ، وكان يختم خطبته بالاستغفار ، وكان كثيرا ما يخطب بالقرآن ، وفي صحيح مسلم عن أم هشام بنت حارثة قالت : ما أخذت ق والقرآن المجيد إلا عن لسان رسول الله يقرؤها كل يوم جمعة على المنبر إذا خطب الناس.
وذكر أبو داود عن ابن مسعود أن رسول الله كان إذا تشهد قال : الحمد لله نستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، من يهد الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة ، من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فإنه لا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئا .
وقال أبو داود عن يونس أنه سأل ابن شهاب عن تشهد رسول الله يوم الجمعة فذكر نحو هذا إلا أنه قال : ومن يعصهما فقد غوى .
وقال ابن شهاب : وبلغنا أن رسول الله كان يقول إذا خطب كل ما هو آت قريب ، لا بعد لما هو آت ، ولا يعجل الله لعجلة أحد ، ما شاء الله ، لا ما شاء الناس ، يريد الله شيئا ويريد الناس شيئا ، ما شاء الله كان ولو كره الناس ، ولا مبعد لما قرب الله ولا مقرب لما أبعد الله ، ولا يكون شيء إلا بإذن الله .
وكان مدار خطبه على حمد الله والثناء عليه بآلائه، وأوصاف كماله ، ومحامده ، وتعليم قواعد الإسلام ، وذكر الجنة والنار والمعاد ، والأمر بتقوى الله، وتبيين موارد غضبه ومواقع رضاه ، فعلى هذا كان مدار خطبه .
وكان يقول في خطبه أيها الناس إنكم لن تطيقوا ، أو لن تفعلوا كل ما أمرتم به ، ولكن سددوا ، وأبشروا ، وكان يخطب في كل وقت بما تقتضيه حاجة المخاطبين ومصلحتهم ولم يكن يخطب خطبة إلا افتتحها بحمد الله ويتشهد فيها بكلمتي الشهادة ويذكر فيها نفسه باسمه العلم .
وثبت عنه أنه قال : كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء .
ولم يكن له شاويش يخرج بين يديه إذا خرج من حجرته، ولم يكن يلبس لباس الخطباء اليوم لا طرحة ولا غيرها .
وكان منبره ثلاث درجات فإذا استوى عليه واستقبل الناس أخذ المؤذن في الأذان فقط ، ولم يقل شيئا قبله ولا بعده ، فإذا أخذ في الخطبة لم يرفع أحد صوته بشيء البتة لا مؤذن ولا غيره .
على ماذا كان يتكأ النبي أثناء خطبة الجمعة:
هل كان يتكأ النبي أثناء الخطبة على السيف:
أحدهما: أن المحفوظ أنه توكأ على العصا ، وعلى القوس.
الثاني: أن الدين إنما قام بالوحي، وأما السيف فلمحق أهل الضلال والشرك ، ومدينة النبي التي كان يخطب فيها إنما فتحت بالقرآن ولم تفتح بالسيف .
وكان إذا عرض له في خطبته عارض اشتغل به ثم رجع إلى خطبته ، وكان يخطب فجاء الحسن والحسين يعثران في قميصين أحمرين فقطع كلامه فنزل فحملهما ثم عاد إلى منبره ثم قال صدق الله العظيم ( إنما أموالكم وأولادكم فتنة ) الأنفال 28 ، رأيت هذين يعثران في قميصيهما فلم أصبر حتى قطعت كلامي فحملتهما .
وجاء سليك الغطفاني وهو يخطب فجلس فقال له قم يا سليك فاركع ركعتين وتجوز فيهما ، ثم قال وهو على المنبر إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين ليتجوز فيهما .
وكان يقصر خطبته أحيانا ويطيلها أحيانا بحسب حاجة الناس وكانت خطبته العارضة أطول من خطبته الراتبة وكان يخطب النساء على حدة في الأعياد ويحرضهن على الصدقة.
هدي النبي في الدعاء في الخطبة:
إنّ رفع اليدين في دعاء خطبة الجمعة ليس أمراً منهياً عنه بل هو جائز واستحبّه العلماء لأنّه عليه الصلاة والسلام رفع يديه في دعاء خطبة الجمعة ، وقد بوّب له الإمام البخاري تحت عنوان: باب رفع اليدين في الخطبة، وحديث الباب :” بينما النبيّ ﷺ يخطب يوم الجمعة إذ قام رجل فقال: يا رسول الله هلّك الكراع(جماعة الخيل ) وهلك الشاة فادع الله أن يسقينا، فمدّ يديه ودعا. انظر فتح الباري شرح صحيح البخاري جـ 3 ص 78.
وهناك أحاديث وتفصيلات لا داعي لذكرها وكلّها تصبّ في هذا الاتجاه . انتهى .
ساعة إجابة الدعاء يوم الجمعة:
وجاء عن عمرو بن عوف المزني رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: “إن في الجمعة ساعة لا يسأل الله تعالى العبد فيها شيئًا إلا أتاه إياه. قالوا: يا رسول الله أية ساعة هي؟ قال: حين تقام الصلاة إلى الانصراف منها” رواه ابن ماجة والترمذي.