الموت على نية المعصية بمعنى انعقاد العزم المؤكد على فعلها ينال صاحبه ذنب من فعلها ، وخاصة إذا اتخذ الأسباب إلى المعصية ولم يرجع عنها من تلقاء نفسه وإنما حيل بينه وبين فعلها بالموت، وإن كانت فداحة الذنب تزيد عند ارتكابه، أي أن الذي يموت في طريقه للمعصية كمن مات وهو في المعصية مع اختلاف درجة الإثم،لأن الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى.
ولذلك يقول النبي ﷺ في الحديث الصحيح : ” إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار” قالوا : هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: ” إنه كان حريصا على قتل صاحبه” (متفق عليه ) وفي رواية للبخاري: ” إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فكلاهما من أهل النار قيل فهذا القاتل فما بال المقتول قال إنه أراد قتل صاحبه.
قال ابن حجر في الفتح :
والذي يظهر أنه يعاقب على عزمه بمقدار ما يستحقه ولا يعاقب عقاب من باشر القتل حسا . وهنا قسم آخر وهو من فعل المعصية ولم يتب منها ثم هم أن يعود إليها فإنه يعاقب على الإصرار، كما جزم به ابن المبارك وغيره في تفسير قوله تعالى { ولم يصروا على ما فعلوا } ويؤيده أن الإصرار معصية اتفاقا ، فمن عزم على المعصية وصمم عليها كتبت عليه سيئة ، فإذا عملها كتبت عليه معصية ثانية .
قال النووي : وهذا ظاهر حسن لا مزيد عليه ، وقد تظاهرت نصوص الشريعة بالمؤاخذة على عزم القلب المستقر كقوله تعالى { إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة } الآية ، وقوله { اجتنبوا كثيرا من الظن } وغير ذلك وقال ابن الجوزي : إذا حدث نفسه بالمعصية لم يؤاخذ فإن عزم وصمم زاد على حديث النفس وهو من عمل القلب .
قال : والدليل على التفريق بين الهم والعزم أن من كان في الصلاة فوقع في خاطره أن يقطعها لم تنقطع ، فإن صمم على قطعها بطلت .(انتهى)