الفتوى ينبغي أن تكون قائمة على معرفة الكتاب و السنة و الأدلة الشرعية و يكون المفتي أهلا لأن يتصدر الفتوى ، و عنده معرفة بآيات الأحكام و أحاديث الأحكام و أقوال أهل العلم و فقه الخلاف وعلى معرفة ودراية واسعة بالعصر الذي يعيش فيه و العرف أي أعراف الناس و مقاصد التشريع و ينبغي أن يراعي حال المستفتي و حال المنطقة التي هو فيها .
كل هذه المعايير ذكرها أهل العلم في حق الإنسان الذي يتصدر للإفتاء أو يفتي الناس .
أما قضية الخلاف بين مفتي و آخر فهذا له أسباب كثيرة جدًا ، فقد يختلف العلماء في صحة حديث أو تأويل حديث أو أن أحدهم بلغه حديث و الآخر لم يبلغه ، فبحسب معرفة المفتي أو العلم بهذه الأدلة و إحاطته بها تكون فتواه .
ولقد ألف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كتابا سماه رفع الملام عن الأئمة الأعلام ــ فبين فيه أسباب الخلاف بين العلماء و هي مثل هذه الأسباب التي ذكرتها و هناك أسباب أخرى ، فالمفتي الذي يتحرى الحق ينطلق من الدليل الذي بلغه و قد يكون هناك دليل أصح منه لم يبلغه، أو يكون قد بلغه دليل لكنه عنده ضعيف ،أو يكون قد بلغه واعتقد صحته، و لكنه أوله بطرق التأويل المعتبرة و المعروفة وهكذا.
وقد يكون الشخص الذي يصدر الفتوى مقتنعًا برأي إمام من الأئمة كأبي حنيفة ومالك والشافعي و أحمد بن حنبل رحمهم الله جميعًا، فيفتي برأي أحدهم ، و قد يكون الحق مع غيره فيقع المفتي في خطأ بسبب تقليده و اتباعه لإمام معين ،كل هذه الأسباب التي توقع في التباين و الخلاف في الفتوى ، لكن من الواجب على من يتصدر الفتوى أن يتقي الله عزوجل و أن يلتزم بالضوابط الشرعية المعروفة في إصدار الفتوى حتى لا يقع في الخطأ بسبب تقصيره، فإن المفتي هو الموقع عن الله في إصدار الفتوى كما أوضح الإمام ابن القيم.