الغرض من وصف أيام الصوم بأنها معدودات الإشارة إلى قلتها ، والغرض من وصف الأيام التى أوجب ذكره فيها بأنها معدودات التعظيم.
يقول الأستاذ الدكتور أحمد يوسف سليمان:-
قال الله تعالى في الآيتين مائة وثلاث وثمانين ، ومائة وأربع وثمانين من سورة البقرة :”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ… “الآية ، وقد بيّن الله سبحانه وتعالى مراده بتلك الأيام في الآية التي تليها رقم مائة وخمس وثمانين فقال :
شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ… الآية.
والغرض من وصف هذه الأيام بأنها معدودات الإشارة إلى قلتها؛ وذلك لأن العرب تقول : دراهم معدودة ، وكلمات معدودة ، ورجال معدودون للدلالة على القلة ، وهي أيام شهر رمضان ، وقد بيّن النبي أن الشهر هكذا، وهكذا، وهكذا، يعني ثلاثين يوما أو تسعة وعشرين يوما ، فهي أيام قليلة، وذلك بفرض الحث على صيامها ، وانتهاز فرصة مرورها لملئها بالطاعات، وللفت الأنظار إلى يسر الشريعة الإسلامية، وسهولة تكاليفها.
وأما قوله عز وجل في الآية رقم مائتين وثلاث من نفس سورة البقرة ، فإن الله عز وجل يقول فيها : “وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ … “الآية ، فإن المراد بتلك الأيام التي أمر بالذكر له فيها أيام منى أو أيام التشريق الثلاثة ، ثاني ، وثالث ، ورابع أيام عيد الأضحى، والمراد بالذكر فيها التكبير ، فقد روى البخاري في صحيحه أن سيدنا عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما كان يكبر بمنى تلك الأيام ، خلف الصلوات ، وعلى فراشة ، وفي فسطاطه ، وفي مجلسه ، وفي ممشاه في تلك الأيام جميعا ، وروى الأمام مالك في الموطأ مثل ذلك عن عمر بن الخطاب ، ثم حكم بوجوب التكبير في هذه الأيام على الفرد والجماعة ومن كان في منى ، ومن كان في غيرها من الآفاق المختلفة من البلاد والإعصار الإسلامية.
والغرض من وصف الأيام في هذه الآية بأنها معدودات التعظيم ، وهو كذلك في لغة العرب. ولأن التكبير شعيرة هذه الأيام ، وقد قال عز وجل : “ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ” (سورة الحج : 32).