الله سبحانه وتعالى أنزل التوراة والإنجيل ووكل إلى اليهود والنصارى حفظهما، فحرفوا وبدلوا، ثم أنزل القرآن، وجعله دستور المسلمين الخالد ولذا تكفل الله بحفظه دون سواه من سائر كتبه، وقد فضح أهل الكتاب وذمهم لتحريفهم ما أنزله عليهم فقال سبحانه وتعالى: ( يحرفون الكلم عن مواضعه) وقال تعالى: (يحرفون الكلم من بعد مواضعه) والشواهد كثيرة من كتاب الله تعالى والسنة المطهرة على تحريف التوراة والإنجيل، وهذا يدل على أن حفظ الله للقرآن فقط دون سواه من سائر كتبه.

قوله تعالى إنا نحن نزلنا الذكر

يقول فضيلة المستشار فيصل مولوي -رحمه الله تعالى-نائب رئيس المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء:
كلمة (ذكر) تطلق على أكثر من معنى فقد جاءت في القرآن الكريم بمعان مختلفة ومتعددة منها:
1- القرآن الكريم، قال تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر…).
2- الكتب السماوية السابقة، قال تعالى: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون).
ومنها معان أخرى لا داعي لذكرها.

هل تكفل الله بحفظ جميع الكتب السماوية

يقول فضيلة المستشار فيصل مولوي -رحمه الله تعالى- وهنا نقول بأن الذكر الذي قال الله فيه: (وإنّا له لحافظون) هو القرآن الكريم فقط.

أما الذكر المقصود به الكتب السماوية السابقة فلم يرد في حقها (وإنّا له لحافظون). وهذا هو الفارق بينهما. فالكتب السماوية السابقة قد جرى عليها التحريف والتبديل وهذا ما طفحت به آيات القرآن مبينة أسباب التحريف والتبديل والتي منها طمس صفة الرسول (صلَى الله عليه وسلَم) الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل كما نطقت الآية. والتي منها التهرب من إقامة الحدود عليهم. فعندما جاء رجل وإمرأة من اليهود إلى الرسول (صلَى الله عليه وسلَم) ليقيم عليهما الحدود وقد زنيا فبين أن الحد هو الرجم كما جاء في التوراة فانكرا حكم الحد في التوراة عندهم فكشف الرسول (صلَى الله عليه وسلَم) عنه في توراتهم فرجمهما بحكم التوراة وقد دله على آية الرجم في التوراة عبد الله بن سلام الذي كان حبراً من أحبار اليهود وقد أسلم وحسن إسلامه، وغيرها من الأسباب الكثيرة لا داعي لذكرها.

والآية (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) خطاب لكفار قريش الذين أنكروا أن يكون الرسول من البشر فنزلت الآية (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم) أي رجالاً من البشر ثم توجه بالخطاب مرة ثانية إليهم (فاسألوا) أي يا كفار قريش أهل التوراة والإنجيل -أي عن هذا- (إن كنتم لا تعلمون. )

وقد طلبت الآية منهم أن يسألوا أهل الكتاب عن ذلك لأن كفار قريش كانت بينهم وبين أهل الكتاب مودة وأنهم محايدون، فهم يرتاحون إليهم ويعطونهم آذانهم أكثر مما يعطونها للرسول (صلَى الله عليه وسلَم) والذين معه. هذا وإن أهل الكتاب غالباً ما يراد بهم اليهود فقط في كثير من الآيات لأنهم الأكثر مجاورة لأهل مكة والمدينة من النصارى. ومعروف عند اليهود أن الأنبياء من البشر وليسوا من الملائكة كموسى وداوود وسليمان ويوسف وغيرهم.