يقول الشيخ حسنين مخلوف مفتي مصر الأسبق-رحمه الله-:
لا خلاف في أنه يجوز للحامل الإفطار إذا خافت على الجنين وللمرضع إذا خافت على الرضيع، لحديث أنس بن مالك الكعبي أن رسول الله ـ ﷺ ـ قال: “إن الله عز وجل وَضَعَ عن المسافر الصومَ وشَطْرَ الصلاة، وعن الحُبْلَى والمُرْضِع الصومَ”. (رواه الخمسة) وليس المراد مِن الخَوْف مُجَرَّدَ التَّوَهُّم والتخيل بل غَلَبَةَ الظن بِلُحُوق الضرر به بأمارة أو تجربة أو إخبار طبيب مسلم حاذق، وذهب بعض الفقهاء ومنهم الإمام ابن حزم إلى وجوب الإفطار عليهما في هذه الحالة لسقوط الصوم عنهما.
والقائلون بجواز الفطر لَهُمَا منهم مَن أَوْجَبَ عليهما القضاء والفدية، وإليه ذهب سفيان ومالك والشافعي وأحمد، ومنهم من أوجب القضاء فقط، وإليه ذهب الحنفية، وهو مذهب علي من الصحابة والحسن من التابعين. وذهب إسحق إلى أنهما يُفْطِرَان ويُطْعِمَان ولا قضاء عليهما وإن شاءتا قَضَتَا ولا إطعام عليهما.
ومثلُ الخوف منهما على الجنين والرضيع خوفُ الحامل على نفسها من المرض الذي يستتبعه الحمل، وخوفُ المُرْضِع على نفسها من المرض الذي يستتبعه الرضاع إذا كان بطريق من الطرق التي ذكرناها، فيجوز لكل منهما الفطر إذا وَجَدَ الخوف المذكور.
هل يجوز للحامل أن تفطر في رمضان
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي:
يصح للمرأة الحامل أن تفطر في رمضان إذا خافت على جنينها أن يموت.. لها أن تفطر .. بل إذا تأكد هذا الخوف أو قرره لها طبيب مسلم ثقة في طبه ودينه، يجب عليها أن تفطر حتى لا يموت الطفل، وقد قال تعالى :(وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم) (الأنعام: 151، والإسراء: 31) وهذه نفس محترمة، لا يجوز لرجل ولا لامرأة أن يفرط فيها ويؤدي بها إلى الموت .
والله تعالى لم يعنت عباده أبدًا، وقد جاء عن ابن عباس أيضًا أن الحامل والمرضع ممن جاء فيهم (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ)البقرة 184 .
وإذا كانت الحامل والمرضع تخافان على أنفسهما فأكثر العلماء على أن لهما الفطر وعليهما القضاء فحسب .. وهما في هذه الحالة بمنزلة المريض .
ما حكم إفطار الحامل أو المرضع إذا خافت على الجنين
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي: إذا خافت الحامل أو خافت المرضع على الجنين أو على الولد، فقد اختلف العلماء بعد أن أجازوا لها الفطر بالإجماع هل عليها القضاء أم عليها الإطعام تطعم عن كل يوم مسكينًا، أم عليها القضاء والإطعام معًا، اختلفوا في ذلك، فابن عمر وابن عباس يجيزان لها الإطعام وأكثر العلماء على أن عليها القضاء، والبعض جعل عليها القضاء والإطعام.
وقد يبدو لي أن الإطعام وحده جائز دون القضاء، بالنسبة لامرأة يتوالى عليها الحمل والإرضاع، بحيث لا تجد فرصة للقضاء، فهي في سنة حامل، وفي سنة مرضع، وفي السنة التي بعدها حامل .. وهكذا .. يتوالى عليها الحمل والإرضاع، بحيث لا تجد فرصة للقضاء، فإذا كلفناها قضاء كل الأيام التي أفطرتها للحمل أو للإرضاع معناها أنه يجب عليها أن تصوم عدة سنوات متصلة بعد ذلك، وفي هذا عسر، والله لا يريد بعباده العسر .