حديث الصيحة لم يثبت عن الرسول ﷺ ولا يحل الاحتجاج به، وعلى الناس أن يحذروا من نشر الأحاديث المتروكة، وعليهم الرجوع إلى ما صح عن الرسول ﷺ .
صحة الحديث الوارد في الصيحة المكذوبة في رمضان
إن الحديث الوارد في هذا وهو عن عبد الله بن مسعود عن النبي ﷺ قال : ( إذا كانت صيحة في رمضان فإنه تكون معمعة في شوال وتميز القبائل في ذي القعدة وتسفك الدماء في ذي الحجة والمحرم .. قال : قلنا : وما الصيحة يا رسول الله؟ قال : هذه في النصف من رمضان ليلة الجمعة من سنة كثيرة الزلازل فإذا صليتم الفجر من يوم الجمعة فادخلوا بيوتكم وأغلقوا أبوابكم وسدوا كواكـم ودثروا أنفسكم وسـدوا آذنكم إذا أحسستم بالصيحة فخروا لله سجداً وقولوا سبحان الله القدوس ، سبحان الله القدوس ، ربنا القدوس فمن يفعل ذلك نجا ، ومن لم يفعل ذلك هلك) رواه نعيم بن حماد في كتاب الفتن بسند ضعيف فيه محمد بن ثابت البناني قال فيه الحافظ بن حجر ضعيف وفيه أيضاً الحارث بن عبد الله الأعور الهمداني ، قال فيه الحافظ أيضاً : كذبه الشعبي في رأيه ورمي بالرفض وفي حديثه ضعف .
وهذا الحديث ذكره صاحب كنز العمال وأشار إلى أن الحديث رواه نعيم وهذا الحديث على كل حال ضعيف ولا تقوم الحجة به .
وقد وردت روايات أخرى ضعيفة كرواية أبي أمامة عن الصيحة التي تكون في النصف من رمضان .. ذكره ابن الجوزي في الموضوعات وقال بعد أن ساقها بإسناده ” هذا حديث لا يصح .. قال العقيلي وهو متروك الحديث – يعني أحد رواته – وقال ابن حبان كان يسرق الحديث ولا يحل الاحتجاج به وقال الدار قطني منكر الحديث ..الخ ” .
وأما رواية الحاكم التي في نفس الموضوع فقد قال الذهبي عنها ( ذا موضوع–أي مكذوب- ومسلمة ساقط متروك ) وذكره ابن الجوزي في الموضوعات أيضاً .
حديث النفخة في اليوم الخامس عشر من رمضان
ذكره العلامة ابن القيم رحمه الله في ” المنار المنيف ” (ص/98) في أحاديث لا تصح في التواريخ المستقبلية ، قال : ” كحديث : يكون في رمضان هدة توقظ النائم ، وتقعد القائم ، وتخرج العواتق من خدورها ، وفي شوال مهمهة ، وفي ذي القعدة تميز القبائل بعضها من بعض ، وفي ذي الحجة تراق الدماء ، وحديث : يكون صوت في رمضان إذا كانت ليلة النصف منه ليلة جمعة ، يصعق له سبعون ألفا ، ويصم سبعون ألفا ” انتهى .
وقال الحاكم : حديث غريب المتن ، ومسلمة ظن لا تقوم به الحجة .
وقال الذهبي : قلت : ذا موضوع ، ومسلمة ساقط متروك .
نشرة عن صيحة رمضان ومعمعة شوال
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى :
بلغني أن بعض الجهال يوزع نشرة مشتملة على حديث مكذوب على النبي ﷺ يتضمن الحديث المكذوب ونصه :
عن ابن مسعود قال : قال رسول الله ﷺ :
إذا كان صيحة في رمضان ، فإنه يكون معمعة في شوال ، وتميز القبائل في ذي القعدة ، وتسفك الدماء في ذي الحجة والمحرم ، وما المحرم ؟ يقولها ثلاث مرات ، هيهات هيهات ، يقتل الناس فيه هرجا هرجا ، قلنا : وما الصيحة يا رسول الله ؟ قال : هذه في النصف من رمضان ليلة الجمعة ، فتكون هدَّة توقظ النائم ، وتقعد القائم ، وتخرج العواتق من خدورهن في ليلة جمعة ، في سنة كثيرة الزلازل والبرد ، فإذا وافق شهر رمضان في تلك السنة ليلة الجمعة ، فإذا صليتم الفجر من يوم الجمعة في النصف من رمضان فادخلوا بيوتكم ، وأغلقوا أبوابكم ، سدوا كواكم ، ودثروا أنفسكم ، وسدوا آذانكم ، فإذا أحسستم بالصحيحة فخروا لله سجدا ، وقولوا : سبحان القدوس ، سبحان القدوس ، ربنا القدوس ، فإنه من فعل ذلك نجا ومن لم يفعل هلك .
فهذا الحديث لا أساس له من الصحة ، بل هو باطل وكذب ، وقد مر على المسلمين أعوام كثيرة صادفت فيها ليلة الجمعة ليلة النصف من رمضان فلم تقع فيها بحمد الله ما ذكره هذا الكذب من الصيحة وغيرها مما ذكر.