الذي يقطع التتابع هو إرادة الإفطار وقصده، أما الإفطار بغير قصد فلا يقطع التتابع، فدم الحيض لا يقطع تتابع صيام المرأة، وأيام الأعياد لا تقطع تتابع الصيام، هذا رأي جمهور الفقهاء عدا الحنفية.
قال ابن قدامة في المغني: وإن أفطرت المرأة لمرض، أو حيض، أو الرجل لمرض لم ينقطع التتابع، وبهذا قال أبو ثور وإسحاق.
وقال أبو حنيفة ينقطع فيهما لأن التتابع لم يوجد، وفوات الشرط يبطل به المشروط، وقال الشافعي ينقطع في المرض في أحد القولين ولا ينقطع في الحيض. ولنا أنه عذر يبيح الفطر أشبه الحيض في كفارة القتل. أهـ
وقال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى:
وأيضاً فالترتيب واجب في صوم الشهرين بنص القرآن والسنة والإجماع ثم اتفق المسلمون على أنه إذا قطع لعذر لا يمكن الاحتراز منه كالحيض فانه لا يقطع التتابع الواجب.
ومذهب أحمد في هذا أوسع من مذهب غيره فعنده إذا قطع التتابع لعذر شرعي لا يمكن مع إمكان الاحتراز منه مثل أن يتخلل الشهرين صوم شهر رمضان أو يوم الفطر أو يوم النحر أو أيام منى أو مرض أو نفاس ونحو ذلك فإنه لا يمنع التتابع الواجب)..
أما الحنفية فذهبوا إلى أن تتابع الصوم شرط في صحة الكفارة، وفوات الشرط يبطل به المشروط، فلا تصح الكفارة إذا انقطع التتابع ولو بمرض أو حيض.
والراجح في المسألة قول الجمهور حيث إن هذه الأمة مرفوع عنها الحرج، قال الله تعالى:” لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا” {البقرة:286}، وقال تعالى:” وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ” {الحج:78}، وقال تعالى:” يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ” {البقرة:185}، وقال الله تعالى:” فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُم”ْ {التغابن:16}.
والحيض لا يقع في وسع المرأة دفعه، ولا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا، ولم يكلفنا الله بما لا نطيق ويشق علينا فعله، وعلى هذا فالراجح هنا هو رأي الجمهور القائل بأن دم الحيض لا يقطع تتابع الصيام.