لا يجوز لأحد أن يأخذ ما لا يحل له، سواء أكان سرقة أو غصباً أو اختلاساً أو تعدياً، لقوله تعالى: ( ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) [البقرة: 188] وقوله ﷺ: ” إن دمائكم، وأموالكم، وأعراضكم، عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ” متفق عليه.
وعن سعيد بن زيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: ” من أخذ شبراً من الأرض ظلماً طوقه من سبع أرضين” متفق عليه.
ويجب على من أخذ شيئاً بغير حق أن يرده إلى من أخذه منه، لقوله ﷺ: ” على اليد ما أخذت حتى تؤديه” رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال حسن صحيح.
ومن كان يخشى الفضيحة فعليه أن يحتال بطريقة ما لإيصال المال إلى من يملكه.
ورد المال إلى صاحبه من تمام التوبة ، ولا تحصل التوبة إلا بذلك.
يقول تعالى: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ).
ويقول: (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً)..
ويقول ﷺ :( من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو من شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ من حديث أبي هريرة.
وعلى ذلك فعلى من أخذ مالا من غير حق أن يرده لأصحابه عند التوبة ،إذا كانوا موجودين معروفين ، وإلا صرفت إلى ورثتهم ، ولا يكفي التصدق بها عنهم إلا عند العجز عن ردها ، كأن يكونوا غير موجودين أو غير معروفين ، وعليه فإذا كان بعض أصحاب هذه الحقوق لا يزال موجودا فعليه أن يرد هذه الأموال إليه، ولا مانع أن يكون ذلك على وجه الهدية مثلا، فليس شرطا أن يخبره بحقيقة الأمر، بل يمكنه أن يردها له موهما إياه أنه يهاديه. أو بغير ذلك من الصور التي يجدها ملائمة لحاله، فالمهم أن يصل نفعها إليهم. وأما التصدق بها عنهم مع إمكانية الوصول إليهم فلا يكفي في التوبة .
والتوبة إذا صدرت بهذه الشروط كانت مقبولة إن شاء الله ، وتلحق صاحبها بغير المذنب، ودليل ذلك ما رواه الطبراني وغيره من حديث أبي سعيد الأنصاري أن رسول الله ﷺ قال: (الندم توبة والتائب من الذنب كمن لا ذنب له).
على أن من سلب أموال الناس ثم لم يتب بردها إلى أهلها ، واكتفى بالصلاة والصيام فإنه سيحاسب يوم القيامة بقانون : (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) (وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ) (الزلزلة : 7 – 8) يعني لن تضيع عليه صلاته، ولن يفلت من عقاب سيئته إلا بتفضل من الله عليه.