اختلف الفقهاء في الأضحية من مال اليتيم:
فذهب الشافعية ورواية عن أحمد إلى أنه لا يجوز لولي اليتيم التضحية من مال اليتيم لأنه مأمور بالاحتياط لماله وممنوع من التبرع به، والأضحية تبرع.
وذهب الحنفية والمالكية والرواية الثانية عن أحمد إلى جواز الأضحية من مال اليتيم إن كان موسرا.
ولكن لو ضحى الولي من مال اليتيم فلا يتصدق منها بشيء ويدخر جميعها له لأنه لا يجوز الصدقة بشيء من مال اليتيم.
ويمكن القول بأنه إذا كان اليتيم يعقل الأضحية ويفرح قلبه بها وينكسر بتركها فالأولى التضحية من ماله حينئذ لحصول الفائدة منها من باب التوسعة عليه وتطييب قلبه وإشراكه لأمثاله في مثل هذا اليوم.
وإذا كان اليتيم لا يعقل الأضحية ولا يفرح بها ولا ينكسر بتركها فالأولى عدم التضحية والمحافظة على ماله لعدم حصول الفائدة في هذه الحالة.
جاء في كتاب المغني لابن قدامة الحنبلي:
واختلفت الرواية –عن الإمام أحمد-، هل تجوز التضحية عن اليتيم من ماله؟ فروي أنه ليس للولي ذلك، لأنه إخراج شيء من ماله بغير عوض، فلم يجز، كالصدقة والهدية، وهذا مذهب الشافعي.
والرواية الثانية: للولي أن يضحي عنه إذا كان موسرا، وهذا قول أبي حنيفة، ومالك.
قال مالك: إذا كان له ثلاثون دينارا يضحي عنه بالشاة بنصف دينار، لأنه إخراج مال يتعلق بيوم العيد، فجاز إخراجه من مال اليتيم كصدقة الفطر، فعلى هذا يكون إخراجها من ماله على سبيل التوسعة عليه، والتطييب لقلبه، وإشراكه لأمثاله في مثل هذا اليوم، كما يشتري له الثياب الرفيعة للتجمل، والطعام الطيب، ويوسع عليه في النفقة وإن لم يجب ذلك.
ويحتمل أن يحمل كلام أحمد في الروايتين على حالين، فالموضع الذي منع التضحية إذا كان اليتيم طفلا لا يعقل التضحية، ولا يفرح بها، ولا ينكسر قلبه بتركها، لعدم الفائدة فيها، فيحصل إخراج ثمنها تضييع مال لا فائدة فيه، والموضع الذي أجازها إذا كان اليتيم يعقلها، وينجبر قلبه بها وينكسر بتركها لحصول الفائدة منها، والضرر بتفويتها.
وعلى كل حال، متى ضحى عن اليتيم لم يتصدق بشيء منها، ويوفرها لنفسه لأنه لا يجوز الصدقة بشيء من مال اليتيم تطوعا. أ.هـ