يقول الله سبحانه ( ولا تَزِرُ وازِرةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) ( الإسراء : 15 ) وقال ( كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينةٌ ) ( المدثر : 38 ) وقال ( كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ) ( الطور : 21 ) .
هذه الآيات وأمثالها التي تدل على أنّ الله لا يظلِم أحدًا فيعاقِبه بما جناه غيره، متّفق على أنها في يوم القيامة عند الحساب والجزاء، لكن في عِقاب الدُّنيا قد يؤخَذ البريء بسبب معصية غيره عندما يجيء عقاب عام كالخَسف والزِّلزال بسبب شيوع المعاصِي، كما في حديث البخاري ومسلم ” يغزو جيش الكعبة، فإذا كانوا ببيداءَ من الأرض يُخسَف بأولهم وآخرِهم ثم يُبعثون على قدر نيّاتِهم ” ومنه ما جاء في بعض الأدعية: ( لا تؤاخِذنا بما فعل السُّفهاءُ مِنّا ).
فالأبناء وغيرهم يؤخذون بذنوب آبائهم ومجرميهم إذا كثر الفساد، وذلك في عقاب الدنيا، وسيعوض الله الأبرياء خيرًا في الآخرة، والآباء إذا كانوا مُجرمين سَرتِ العدوَى إلى أولادهم بالتقليد والمحاكاة، وكرههم للناس لكراهتهم لآبائهم ، فشؤم معصية آبائهم يلحَقهم في معاملات الدنيا طوعًا أو كرهَا، أما الأعمال ، فكل واحد مسؤول عن عمله يوم القيامة أمام الله، وعلى ضوء هذا يُفهم الحديث القدسي الذي رواه أحمد عن وهب ( أنِّي إذا أُطِعتُ رَضِيتُ، وإذا رَضيت باركت، وليس لبركتي نهاية، وإذا عُصيت غَضِبْتُ، وإذا غضبت لعنت، ولعنتي تبلغ السابِع من الولد ) ، على شاكِلة هذا لو اختار الرجل زوجة صالحة كان هناك أمل في صلاح الأولاد، وقد نزعهم عِرق من الأم، وقال أبو الأسود الدؤلي لأولاده : قد أحسنتُ إليكم صِغارًا وكبارًا وقبل أن تُولدوا، حيث اخترت لكم أمًّا لا تُسَبُّون بها، فجناية الآباء تُصيب الأبناء في مثل هذه الأمور الدنيوية.