لا بأس بذلك إذا كان هذا أنفع للفقير مع مراعاة أن تكون ألشياء العينية المشتراة للفقير من الضرورات.
يقول فضيلة الدكتور القرضاوي حفظه الله : في ذلك عدة أقوال:
فيرى أبو حنيفة والشافعي -في أحد أقواله-: أن التاجر مُخيَّر بين إخراج الزكاة من قيمة السلعة، وبين الإخراج من عَيْنها؛ فإذا كان تاجر ثياب يجوز أن يخرج من الثياب نفسها، كما يجوز أن يُخرج من قيمتها نقودًا؛ وذلك أن السلعة تجب فيها الزكاة فجاز إخراجها من عينها.
وهناك قول ثان للشافعي: أنه يجب الإخراج من العين، ولا يجوز من القيمة .
وقال المزني : إن زكاة العروض من أعيانها لا من أثمانها .
وقال أحمد والشافعي -في القول الآخر- بوجوب إخراج الزكاة من قيمة السلع لا من عينها؛ لأن النصاب في التجارة معتبر بالقيمة، فكانت الزكاة منها كالعَيْن في سائر الأموال
قال في المغني لابن قدامة : ولا نسلِّم أن الزكاة وجبت في المال، وإنما وجبت في قيمته .
وهذا الرأي الأخير هو الذي أرجحه نظرًا لمصلحة الفقير، فإنه يستطيع بالقيمة أن يشترى ما يلزم له، أما عَيْن السلعة فقد لا تنفعه، فقد يكون في غنى عنها، فيحتاج إلى بيعها بثمن بخس، وهذا الرأي هو المتبع، إذا كانت الحكومة هي التي تجمع الزكاة وتصرفها؛ لأن ذلك هو الأليق والأيسر.
ويمكن العمل بالرأي الأول في حال واحدة بصفة استثنائية: أن يكون التاجر هو الذي يخرج زكاته بنفسه، ويعلم أن الفقير في حاجة إلى عَيْن السلعة، فقد تحققت منفعته بها، والمسألة دائرة على اعتبار المصلحة وليس فيها نص.
وبعد أن رجَّحتُ هذا رأيت لشيخ الإسلام ابن تيمية في فتاواه ما يؤيد هذا الترجيح؛ فقد سئل عن التاجر: هل يجوز أن يخرج قيمة ما وجب عليه من بعض الأصناف عنده؟ فذكر في الجواب عن ذلك أقوالاً:
1- يجوز مطلقًا.
2- لا يجوز مطلقًا.
3- يجوز في بعض الصور للحاجة أو المصلحة الراجحة.
قال: وهذا القول الثالث هو أعدل الأقوال؛ فإن كان آخذ الزكاة يريد أن يشتري بها كسوة، فاشترى رب المال له بها كسوة وأعطاه، فقد أحسن إليه .