أجاز الفقهاء طفل الأنابيب الناتج عن بويضة امرأة متزوجة بماء زوجها مع أخذ كافة الضوابط والحيطة الشديدة حتى لا تختلط الأنساب.
يقول الأستاذ الدكتور أحمد يوسف سليمان أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة:
لقد امتن الله -عز وجل- على خلقه بأن خلق لهم من أنفسهم أزواجا، وجعل لهم من هؤلاء الأزواج أبناء وأحفادا. فقال في كتابه الكريم: ” وَاللهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً ” (النحل: 72)، كما بيّن أن إنجاب الأبناء هبة من الله، المالك لكل شيء. فقال: “للهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَن يَّشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَّشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ” (الشورى: 49-50).

وقد بيّن أهل العلم أن من المقاصد الخمسة للشرائع السماوية المحافظة على النسل بالزواج والإنجاب، حتى قال النبي --: “تزوجوا الولود الودود”، وقال: “تناكحو تناسلوا….

الأصل أن الله -عز وجل- هيّأ كلا من الزوجين للإنجاب؛ لحفظ النوع، وعمارة الأرض بمنهج الله، لكن قد يحول دون تحقيق هذه الغايات النبيلة والمقاصد العظيمة مرض أحد الزوجين بمرض يمنع الإنجاب، أو يضعفه؛ فإذا حدث ذلك، فإن على المريض أن يطلب العلاج؛ فقد ثبت حث النبي -- على طلب المداواة من عموم الأمراض، وبيّن أن الله -عز وجل- جعل لكل داء دواء؛ فإذا صادف الدواء الداء برئ المريض -بإذن الله-، والعلاج قرار من قضاء الله إلى قضاء الله.

الصورة الجائزة في أطفال الأنابيب

يقول الأستاذ الدكتور أحمد يوسف سليمان أستاذ الشريعة الإسلامية:
لقد تقدم الطب الحديث في مجالات شتى، ومنها مجال العقم، وتوصل الأطباء إلى إمكانية التلقيح لبويضة المرأة بماء الرجل خارج الرحم. وقد أجريت كثير من العمليات الناجحة في هذا المجال في كثير من البلدان الإسلامية وغيرها.

إذا تم التلقيح لبويضة الزوجة بماء زوجها، ثم أُعيدت النطفة إلى الرحم، أو وضعت فيما يسمى بالأنبوب، إلى أن تتم مراحل نمو الجنين. وتمت عملية التلقيح بحيطة كاملة بواسطة طبيب عدل ثقة – فهذا حلال، والولد يُنسب إلى الزوجين؛ فتكون الزوجة أمه، ويكون الأب أباه، ولكل من الطرفين على الآخر كافة الحقوق الشرعية؛ لأن هذا إنجاب صحيح من فراش صحيح، غير أن الجنين نما خارج الرحم لمرض بذلك الرحم. أما غير ذلك من الصور فحرام لا يجوز شرعا؟

طرق التلقيح الصناعي

إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثالث بعمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية من 8-13 صفر 1407هـ/11 إلى 16 أكتوبر 1986م.
بعد استعراضه لموضوع التلقيح الصناعي “أطفال الأنابيب” وذلك بالاطلاع على البحوث المقدمة والاستماع لشرح الخبراء والأطباء.
وبعد التداول.
تبين للمجلس:
أن طرق التلقيح الصناعي المعروفة هي سبع:
1- أن يجري تلقيح بين نطفة مأخوذة من زوج وبويضة مأخوذة من امرأة ليست زوجه ثم تزرع اللقيحة في رحم زوجته.
2- أن يجري التلقيح بين نطفة رجل غير الزوج وبييضة الزوجة ثم تزرع تلك اللقيحة في رحم الزوجة.
3- أن يجري تلقيح خارجي بين بذرتي زوجين ثم تزرع اللقيحة في رحم امرأة متطوعة بحملها.
4- أن يجري تلقيح خارجي بين بذرتي رجل أجنبي وبويضة امرأة أجنبية وتزرع اللقيحة في رحم الزوجة.
5- أن يجري تلقيح خارجي بين بذرتي زوجين ثم تزرع اللقيحة في رحم الزوجة الأخرى.
6- أن تؤخذ نطفة من زوج وبويضة من زوجته ويتم التلقيح خارجيًا ثم تزرع اللقيحة في رحم الزوجة.
7- أن تؤخذ بذرة الزوج وتحقن في الموضع المناسب من مهبل زوجته أو رحمها تلقيحًا داخليًا.
وقرر:
أن الطرق الخمسة الأولى كلها محرمة شرعًا وممنوعة منعًا باتًا لذاتها أو لما يترتب عليها من اختلاط الأنساب وضياع الأمومة وغير ذلك من المحاذير الشرعية.
أما الطريقان السادس والسابع فقد رأى مجلس المجمع أنه لا حرج من اللجوء إليهما عند الحاجة مع التأكيد على ضرورة أخذ كل الاحتياطات اللازمة.