يقول الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي:-
من الأدلة المُرَجِّحة للالتزام برأي أكثر أهل الشورى:-
1 ـ أن النبي ـ ﷺ ـ لم يَرَ الخروج إلى المشركين في أحد، وإنما كان رأيه ورأي كبار الصحابة: القتال داخل المدينة، ولكنه رأى الأكثرية تميل إلى الخروج، فنزل على رأيهم. صحيح أنه لم يَأْمُر بِعَدِّ الموافقين والمخالفين، ولكنه أخذ بظاهر الأمر.
2 ـ أنه عليه الصلاة والسلام أمر باتباع السواد الأعظم (روى من طرق بعضها قوي. انظر: كتابنا “من فقه الدولة في الإسلام” ص 143 طبعة دار الشروق بمصر ).
3 ـ أنه قال لأبي بكر وعمر: “لو اتَّفَقْتُمَا على رأيٍ ما خَالَفْتُكُمَا” (رواه أحمد عن عبد الرحمن بن غنم “4/227” وفي سنده شهر بن حوشب، وهو صدوق مختلف فيه، وقد وثقه الشيخ شاكر في تخريج المسند ).
ومعناه: أنه يرجح رأي الاثنين على رأي الواحد، ولو كان هو رسول الله ـ ﷺ.
4 ـ ما ذكره ابن كثير في تفسيره نقْلًا عن ابن مردويه عن علي ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ ﷺ ـ سئل عن العزم في قوله تعالى: (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) (آل عمران: 159) فقال: مشاورة أهل الرأي ثم اتباعهم.
5 ـ أن عمر جعل الشورى في ستة من كبار الصحابة اعتبرهم(أهل الحل والعقد) في الأمة، وجعل القرار النهائي كما تراه أغلبيتهم، وإذا تساوى الأصوات: ثلاثة وثلاثة اختاروا مُرَجِّحًا مِن الخارج وهو عبد الله بن عمر، وإن لم يَرْضَوْا به، فالثلاثة الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف.
6 ـ أن القرآن الكريم شَنَّ حمْلة هائلة على الطُّغَاة المستَكْبرين في الأرض بغير الحق، أمثال فرعون وهامان، وكل جَبَّار عنيد، كما قال تعالى: (كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلَى كُلِّ قَلْبٍ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ) (غافر: 35)، (وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) (إبراهيم: 15 ).
7ـ أن أهل الشورى في التراث الإسلامي يسَمَّوْن (أهل الحل والعقد) فإذا لم يكن رأيهم مُلْزِمًا، فماذا يَحُلُّون؟ وماذا يَعْقِدُون إذن؟.
8 ـ أن عامة الفقهاء يرجِّحون (قول الجمهور) إذا لم يوجد مرجح أخر.
9ـ أن التاريخ عَلَّمَنَا كما علَّمَنَا الواقع ـ أنَّ رأْيَ الجماعة أقرب إلى السداد من رأي الفرد، وإن رأي الاثنين أقرب من رأي الواحد.
وفي الحديث عن عمر مرفوعًا: “إن الشيطان مع الواحد، هو من الاثنين أبعد” (رواه الترمذي عن عمر “2166” وقال: حسن صحيح غريب، وقد روى هذا من غير وجه عن عمر، ورواه الحاكم “1/114” وصححه على شروط مسلم، ووافقه الذهبي).