وضع الجريد على القبور من الأمور التي اختلف حولها الفقهاء،فرأى البعض أنها من البدع ، وفعل النبي – صلى الله عليه وسلم- لها كان من الخصوصيات،ووضع الزهور أو الجريد لا ينفع الميت ، ويرى البعض أن وضع الجريد نافع لفعل النبي – صلى الله عليه وسلم-، ومهما يكن من أمر فإن هذا الأمر ليس من البدع التي تختص بالعبادات ،ولكنها من العادات ،فلا تحرم، وفي ذات الوقت لا تأخذ حكم السنية، وإنما تأخذ حكم الجواز، فهي من الأمور المباحة، مع عدم اعتقاد نفعها للميت.

وأما بيع الجريد أو الزهور فليس بحرام ،لأنه عمل مباح في ذاته .

يقول الدكتور محمد بكر إسماعيل :

وضع الجريدة الخضراء على القبر مباح شرعًا بل عَدَّه بعض الفقهاء من المُستحبات لِما رواه البخاري عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مَرَّ على قبرين فقال: “إنهما يُعذَّبان وما يُعذَّبان في كبير أما هذا فكان لا يَسْتَنْزِه من البول، وأما هذا فكان يَمشي بين الناس بالنميمة” ثم دعا بعسيب رَطْب فشَقَّه اثنين، ثم غرس على هذا واحدًا وعلى هذا واحدًا، وقال: “لعله يُخَفِّفُ عنهما ما لم يَيْبَسا”.

والعسيب: الجريدة التي لم يَنْبُت فيها خوص، فإن نبت فهي السَّعَفة.

وقال قوم من الفقهاء: هذه كانت خصوصية للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلا نقتدي به في ذلك، فالفقهاء إذن مختلفون في وضع الجريدة الخضراء على القبر، فمنهم من قال بالإباحة، ومنهم من قال بالاستحباب، ومنهم من قال بالكراهة، والأصح أنه من المباحات بشرط ألا يعتقد المسلم أن هذه الجريدة تخفف عن الميت المسلم العذاب بذاتها، ولكنها تُوضَع اقتداءً بالرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ورجاءً أن يُخَفِّفَ الله عنه من العذاب ببركة الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم.

أما وضع الزهور على القبور فهو عمل غير مشكور لِما فيه من الإسراف والتبذير، ولكن بيع الزهور لمن يريد ذلك لا يَحْرُم حتى ولو غلب على ظن البائع أن الشاري يريد أن يضعها على القبر؛ لأن بيع الزهور في ذاته جائز، فلا يَحْرُم إلا بدليل، ووضع الزهور على القبور في الحقيقة ليس من بدع العبادات، ولكنه من بدع العادات، فلا تكون ضلالة وإن كان من الخير اجتنابها لأنها تشبه بدع العبادات في الظاهر.