الواجب على كل مسلم مقيم ببلد أو قطر من بلاد الإسلام أن يلزم جماعتهم، وإن كان العلماء اختلفوا في كون رؤية الهلال في بلد تلزم بقية البلاد أم لا ، فلم يقل أحد منهم أن يخالف أفراد من إحدى البلاد جماعة بلدهم في الصوم والفطر.
نعم قال جمهور الفقهاء : من رأى الهلال ولم يأخذ الحاكم برؤيته فعليه أن يصوم وحده لتحقق الرؤية في حقه، وقال البعض: لا يلزمه ما لم يلزم غيره لئلا يخالف عامة الناس، ولكن هؤلاء لم يروا الهلال، ولم تثبت الرؤية في محل إقامتهم، واتباع البلد لرؤية بلد آخر محل خلاف، والمقرر عند العلماء أن حكم الحاكم يرفع الخلاف، فإذا أخذ الحاكم أو أولوا الأمر المفوض إليهم مسألة الرؤية برأي فيها فقد أصبح رأيهم لازما ويجب اتباعهم على أهل بلدهم. حيث أمر الله تعالى ورسوله ﷺ بلزوم الجماعة، وإن وجد أكثر من جماعة في مسألة الرؤية فالأقربون أولى بالاتباع، وخاصة أن أفراد أهل البلد يلتزمون بما يلتزم به أهلها، والمخالفة في ذلك طريق للتشتت والانقسام والتفرق، وكل هذا منهي عنه.
روى الترمذي ـ وحسنه ـ عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال : “الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون”.ورواه آخرون.وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقال إنما معنى هذا أن الصوم والفطر مع الجماعة وعظم الناس(انتهى).
وروى البيهقي في السنن الكبرى عن مسروق قال: دخلت على عائشة يوم عرفة فقالت: اسقوا مسروقا سويقا وأكثروا حلواه، قال فقلت : إني لم يمنعني أن أصوم اليوم إلا أني خفت أن يكون يوم النحر، فقالت عائشة: النحر يوم ينحر الناس والفطر يوم يفطر الناس.وأخرجه الترمذي وصححه(انتهى).
قال في سبل السلام : فيه دليل على أنه يعتبر في ثبوت العيد الموافقة للناس، وأن المنفرد بمعرفة يوم العيد بالرؤية يجب عليه موافقة غيره ويلزمه حكمهم في الصلاة والإفطار والأضحية (انتهى).
حتى لو كان تقدير بلد إقامتهم خطأ، فقد قال الخطابي في معنى الحديث : إن الخطأ مرفوع عن الناس فيما كان سبيله الاجتهاد .