الطلاق وقت الحمل يقع عند جمهور الفقهاء،لأنه طلاق في وقت طهر، فلم يخف على الزوج،لأن الحمل قد استبان .
وعليه فمن قال لزوجته أنت طالق طالق، في مرة، ثم قال لها أنت طالق مرة أخرى، فإنه يقع الطلاق مرتين وليس ثلاث مرات، وتبقى له مرة أخرى، فإن لفظ بها كان الطلاق بائنا.
الطلاق في الحيض أو الحمل
جاء في كتاب منتقى الأخبار لابن تيمية رحمه الله :
عن ابن عمر: ( أنه طلق امرأته وهي حائض , فذكر ذلك عمر للنبي ﷺ , فقال : مره فليراجعها , أو ليطلقها طاهرا أو حاملا ) رواه الجماعة إلا البخاري .
وعلق الإمام الشوكاني على هذا الحديث في كتابه نيل الأوطار فقال :
قوله : (ثم ليطلقها طاهرا أو حاملا ) ظاهره جواز الطلاق حال الطهر ولو كان هو الذي يلي الحيضة التي طلقها فيها, وبه قال أبو حنيفة, وهو إحدى الروايتين عن أحمد, وأحد الوجهين عن الشافعية . وذهب أحمد في إحدى الروايتين عنه والشافعية في الوجه الآخر وأبو يوسف ومحمد إلى المنع . وحكاه صاحب البحر عن القاسمية وأبي حنيفة وأصحابه وفيه نظر, فإن الذي في كتب الحنفية هو ما ذكرناه من الجواز عن أبي حنيفة , والمنع عن أبي يوسف ومحمد واستدل القائلون بالجواز بظاهر الحديث وبأن المنع إنما كان لأجل الحيض , فإذا طهرت زال موجب التحريم فجاز الطلاق في ذلك الطهر كما يجوز في غيره من الأطهار . واستدل المانعون برواية أخرى من حديث الباب المذكور بلفظ : { ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر . . . }
وقوله : { أو حاملا }استدل به من قال بأن طلاق الحامل سني وهم الجمهور . وروي عن أحمد أنه ليس بسني .
ويقول الإمام ابن قدامة الفقيه الحنبلي في كتابه المغني :
( وإذا قال لها : أنت طالق للسنة . وكانت حاملا أو طاهرا لم يجامعها فيه , فقد وقع الطلاق , وإن كانت حائضا , لزمها الطلاق إذا طهرت , وإن كانت طاهرة مجامعة فيه , فإذا طهرت من الحيضة المستقبلة لزمها الطلاق ) . وجملة ذلك أنه إذا قال لامرأته : أنت طالق للسنة . فمعناه في وقت السنة , فإن كانت طاهرا غير مجامعة فيه , فهو وقت السنة, وكذلك إن كانت حاملا .
قال ابن عبد البر : لا خلاف بين العلماء أن الحامل طلاقها للسنة . وقال أحمد : أذهب إلى حديث سالم عن أبيه : { ثم ليطلقها طاهرا أو حاملا } . أخرجه مسلم وغيره . فأمره بالطلاق في الطهر أو في الحمل , فطلاق السنة ما وافق الأمر , ولأن مطلق الحامل التي استبان حملها قد دخل على بصيرة , فلا يخاف ظهور أمر يتجدد به الندم , وليست مرتابة ; لعدم اشتباه الأمر عليها , فإذا قال لها : أنت طالق للسنة . في هاتين الحالتين , طلقت ; لأنه وصف الطلقة بصفتها , فوقعت في الحال .
هل يقع الطلاق في الحيض
إن قال ذلك لحائض , لم تقع في الحال ; لأن طلاقها طلاق بدعة. لكن إذا طهرت طلقت ، لأن الصفة وجدت حينئذ, فصار كأنه قال: أنت طالق في النهار . فإن كانت في النهار طلقت , وإن كانت في الليل طلقت إذا جاء النهار .
وإن كانت في طهر جامعها فيه , لم يقع حتى تحيض ثم تطهر ; لأن الطهر الذي جامعها فيه والحيض بعده زمان بدعة , فإذا طهرت من الحيضة المستقبلة , طلقت حينئذ , لأن الصفة وجدت . وهذا كله مذهب الشافعي ، وأبي حنيفة , ولا أعلم فيه مخالفا . فإن أولج في آخر الحيضة , واتصل بأول الطهر ، أو أولج مع أول الطهر , لم يقع الطلاق في ذلك الطهر , لكن متى جاء طهر لم يجامعها فيه , طلقت في أوله . وهذا كله . مذهب الشافعي , ولا أعلم فيه مخالفا .انتهى
حكم طلاق الحامل
في الموسوعة الفقهية الكويتية :
يصح طلاق الحامل رجعيا وبائنا باتفاق الفقهاء . ويعتبر طلاقها طلاق السنة إن طلقها واحدة عند عامة الفقهاء , أو ثلاثا يفصل بين كل تطليقتين بشهر عند البعض . فإذا طلقها رجعيا صح رجوع الزوج إليها أثناء العدة . ويصح له نكاحها بعد انقضاء العدة أو إذا طلقها بائنا بطلقة أو طلقتين , بخلاف ما إذا طلقها ثلاثا حيث لا يجوز نكاحها مطلقا إلا بعد وضع الحمل ولا تحل لمطلقها ثلاثا إلا بعد أن تنكح زوجا غيره .