إن الفِدية الواجبةَ للتمتع مُقَدرة مُرتبة وليست مُخيرة، فلا يجوز له العدول عن الواجب إلا إذا عجز منه، والقرآن الكريم نصَّ على أن المُتمتع يجب عليه الهدي، فإن عجز وجب عليه الصيام .ولم يأت نصٌّ في القرآن أو السنة على بديل للهدي والصيام قال تعالى: (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْي فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ) (سورة البقرة : 196).
فإذا كان قادرًا على الصوم فلا يجوز له الإطعام، كالقادر على صيام رمضان لا يجوز له أن يُطعم، أما إن كان عاجزًا عن الصوم لكِبَرِ سن أو لمرض لا يُرجى برؤه، فيقاس على من عجز عن صيام رمضان، ويطعم عن كل يوم مسكينًا، فإن مات ولم يُطعم وكان قادرًا على الإطعام، وجب الإطعام من تركته؛ لأنه دَيْن يقدم على الميراث. أما إذا لم يكن قادرًا على الإطعام فلا شيء عليه “لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وِسْعَهَا” ولا يلزم ورثته بشيء؛ لأنه مات فقيرًا ولا ميراث له، ولا يُقاس على من مات وعليه صيام؛ لأن الذي عليه هو الإطعام وليس الصيام.
مع أن الذي مات وعليه صيام لا يُوجد نصٌّ بالإطعام عنه.
والقادر على الصيام ولم يصم حتى مات مات عاصيًا، يُقاس على من مات وعليه صيام من رمضان؛ لأن كُلًّا من الصيامين وجب الشرع، فذهب بعض الفقهاء، ومنهم أبو حنيفة وأحمد ومالك والشافعي في المشهور عنه إلى أن وَلِيَّه لا يصوم عنه، بل يُطعم عن كلِّ يوم مسكينًا، والمذهب المختار عند الشافعية، أنه يستحب لوليِّه أن يصوم عنه ويبرأ به الميت ولا يحتاج إلى طعام عنه، ولا يصح أن يصوم الأجنبي عنه بدون إذن الوليِّ، فقد روى البخاري وأحمد أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: “من مات وعليه صيام صام عنه وليُّه”.
وفي رواية للبزَّار زيادة “إن شاء” وسندها حسن. وروى أحمد وأصحاب السُّنن أن رجلاً قال للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إن أمي ماتت وعليها صيام شهر، أفأقضيه عنها؟ فقال: “لو كان على أمك دَيْن أكنت قاضيه”؟ قال نعم، قال: “فدَيْن الله أحق أن يُقضى.
وهذا القول هو الصحيح المختار كما قال النووي؛ لأنه حُكْمٌ وَرَدَ فيه دَلِيلٌ، أمَّا الرأي الآخر فليس عليه دليل منصوص.
جاء في المغنى لابن قدامة “ج 3 ص 509” ما نصه: ومن لزمه صوم التمتع فمات قبل أن يأتي به لعُذر منعه عن الصيام فلا شيء عليه، وإن كان لغير عُذر أطعم عنه، كما يُطعم عن صوم أيام من رمضان، ولأنه صوم وجب بأصل الشرع أشبه صوم رمضان.