هذه الحادثة تحمل في طياتها أكثر من مسألة شرعية، كلها يحتاج ضابطا فقهيا، وبداية الأمر فيجب أن نعلم أن الزواج نعمة من الله تعالى ، وآية من آياته يقول تعالى :” وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ”. سورة الروم، فالزواج آية من آيات الله تعالى، وتتمثل الآية في السكن والمودة والرحمة، وهي عناصر أساسية لقيام البيت المسلم.

تصوير الزوجة عند الجماع:

يباح بين الزوجين كل محظور كان قبل الزواج بين الرجل والمرأة، والعلاقة الخاصة بين الزوجين هدف من أهداف الزواج وبها تتحقق مقاصد شتى.

أما تصوير العلاقة الخاصة بين الزوجين فنرى منعه لما يلي:

1- إشاعة الفاحشة لا تجوز شرعا، والعلاقة بين الزوجين ليست فاحشة، وتصويرها يمكن أن يكون سببا في انتشار الفاحشة إذا تسربت الصورة بين الناس والله تعالى يقول :” إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ”، فسدا للذريعة  يمنع التصوير.

2- في نشر الصورة قذف وإساءة لسمعة واتهام لعرض المحصنات واستغلال لهن وهذه من المحرمات.

3- قوله تعالى :”هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ”، ومعلوم أن اللباس هو الساتر للعورات، فلا يصح أن يصف الله تعالى العلاقة بهذا ثم نجهر بها.

4- ما جاء في أحاديث ” الهداية ” -كما ورد في حاشية رد المحتار- بالستر عند الجماع ” إذا أتى أحدكم أهله فليستتر ما استطاع، ولا يتجردان تجرد العيرين” أي الحمارين. قال: وكان ابن عمر يقول:” الأولى أن ينظر ليكون أبلغ في تحصيل اللذة “. صحيح أن الحديث ضعيف، ولكن مع ضعف الأخلاق، وفساد الذمم فإن من الأولى أن يستترا أو على الأقل لا يصور زوجته.

5- ليس للتصوير جدوى، فالزوجة وهي الأصل أمامه فلا جدوى من وجود الصورة.

6- أن الزواج طاعة لله تعالى روى مسلم عنه صلى الله عليه وسلم:” وفي بضع أحدكم صدقة “.قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته، ويكون له فيها أجر؟ قال: ” نعم، أليس إذا وضعها في حرام كان عليه وزر، فكذلك إذا وضعها في حلال كان له أجر. أتحتسبون الشر، ولا تحتسبون الخير؟! “. رواه مسلم.ولا يعقل أن يبتغى بالأجر المعصية، وهناك لطيفة يمكن أن نرصدها في سياق حديثنا وهي ربط أفضلية الصدقة سرا بالأمر فلا نفشي العلاقة بل نسر بها.

7- روى مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري أنه سمع النبي –صلى الله عليه وسلم يقول:” إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة، الرجل يفضي إلى امرأته، وتفضى إليه، ثم ينشر سرها” والتصوير نوع من الإفضاء، بل في نشره سوء ومعصية ونشر للفاحشة، وقد يكون أكثر من الإفضاء لأنه مستمر، وينقل صورة حية وليس كلاما فقط.