من المعروف عند الفقهاء أن درء المفاسد مقدَّم على جلْب المصالح ، وأن الكراهة تُرَاعَى قبل الندب والاستحباب، كما تُرَاعَى الحُرْمة قبل الوجوب، وذلك للاحتياط على الأقل. ومعلوم أن المكان الواحد الذي يَجمَع هذه المرافق يغلب عليه التلوث والتعرض للنجاسة إن لم تكن هناك عناية بالغة بالنظافة.
والوضوء من الصنبور ” الحَنَفِيَّة” داخل الحمام مكروه إن خَشِيَ الإنسان النجاسة من تساقط المياه على الأرض المنتجسة، ووجد مكانًا آخر يتوضأ فيه غير هذا المكان، فإن أمن النجاسة أو لم يوجد مكان آخر للوضوء فلا بأس بالوضوء في الحمام.

ومن آداب قضاء الحاجة عدم الكلام، ومنه الذكر والدعاء وقراءة القرآن، حتى لو عَطِس لا يَحمَدِ الله، ولو سَلَّمَ عليه إنسان لا يَرُدُّ عليه السلام. ولو سمع الأذان لا يُجِيب المؤذن، أي لا يقول مثل قوله. فقد روى مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن رجلاً مَرَّ على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو يبول فسلَّم عليه فلم يَرُدَّ عليه السلام.

ورأى العلماء ، أن هذا المنع لا يقتصر على حالة قضاء الحاجة “التبول والتغوط” بل يشمل وجود الإنسان في هذا البيت المعد لقضاء الحاجة.
وعليه، فإن المتوضئ في الحَمَّام لا يُسَمِّى ولا يَذْكُرُ الله أثناء الوضوء ولا قبله ولا بعده حتى يخرج منه، والحكم هو الكراهة لا الحرمة، فليس في المخالفة عقوبة ، والأفضل عدمها.

مع التنبيه على أن النية الواجبة في الوضوء أو الغسل محلها القلب، ولا يجب التلفظ بها باللسان، فلا داعِيَ لهذه النية القوْلية ما دام في الحَمّام، ويُكتفَى بالنية القلْبية عند من يقول بوجوبها.

ومحلُّ كراهة الكلام إذا لم تكن هناك ضرورة أو حاجة تدعو إليه، كالتنبيه على خطر أو الرد على من يُنادِي ونحو ذلك، فإن وجدت فلا كراهة، والضرورة تُقَدَّر بِقَدَرِها.