وردت أحاديثُ كثيرةٌ تبيِّن أن يوم الجمعة قد هدانا الله إليه وأضلَّ عنه من قبلنا، وأن له فضلاً على غيره من أيام الأسبوع، ففيه خُلِق آدم وفيه أُدْخِلَ الجنة وفيه أُخرج منها، وفيه تقوم الساعة كما رواه مسلم، وفيه تاب الله على آدم وفيه ماتَ كما رواه مالك في الموطّأ وفيه غير ذلك ممّا وردَت به أحاديث لم يُجزَم بصحّتها.

ولم يرِد دليل يُعتدُّ به على أن فيه ساعة نَحس، بل العكس هو الصحيح، فقد وردت الأحاديث الصحيحة بأن فيه ساعة إجابة لا يوافِقها عبد مسلم، وهو يصلِّي يسأل الله شيئا إلا أعطاه إيّاه كما رواه مسلم.
وهذه الساعة ليست ساعة زمنيّة “60 دقيقة” بل هي فترة من الزّمن لا يعلم قَدْرَها إلا الله، وقد كثُرت الأقوال في تعيِينها بناءً على النصوص الواردة فيها، حتى أوصلَها ابن القيم إلى أحد عشر قولاً. ومِن أقوى النصوص أنّها ما بَين أن يجلِسَ الخَطيب على المِنبر إلى انتهاء صلاة الجمعة كما رواه مسلم.

ولعل الحكمة في النّص على هذه الفترة التنبيه على وجوب الإنصات والاستماع للخطبة، التي قد يكون فيها دعاء يطلب له التأمين، فترجى الاستجابة.
وقيل إنها بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس كما رواه الترمذي، أو آخر ساعة بعد العصر كما رواه أبو داود والنسائي، وقيل بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، وقيل غير ذلك. ويمكن الرجوع في معرفة الأقوال إلى صحيح مسلم بشرح النووي “ج 6 ص 40” وزاد المعاد لابن القيم “ج 1 ص 104” ونيل الأوطار للشوكاني “ج 3 ص 255” والترغيب والترهيب للمنذري “ج 1 ص 193”.
ولعلَّ الحكمة في عدم تعيينها بالضّبط أن نجعلَ يومَنا كلّه طاعة لله ودُعاء، وهذا يَتنافى مع اعتقاد بعض العامّة أن في يوم الجمعة ساعة نحس، يفتعلون فيها الغَضب والمُشاجراتِ ويُلصقون سببَها بيوم الجمعة، وذلك غير صحيح.